الجماعة بعد الفرقة، ويتنادرون بجلادي العهد الباغي وسُجانه وقد أصبحوا اليوم رواد المنى وحراس العدالة! أليس هذا شرطي الأمس الذي كان ينظر بالنار، ويتكلم بالحديد، ويتجنى على الناس الذوب، ويتمنى على الأحداث الجرائم؟ ما باله اليوم وديعاً كالعدل، نزيهاً كالقانون، رفيعاً كادلولة، رفيقاً كالمواطن؟ تباركت يا ألله! أهكذا تتبدل الأوضاع وتتغير الطباع في بحر يوم وليلة؟!
* * *
وفي معرض الجزيرة جماعة (عيد الوطن الاقتصادي) يُفيضون من نشاط الصبي وطموح الشباب على الناحية الضعيفة المخوفة من نواحي الوطن: تلك هي الناحية الاقتصادية التي اقتحمها المستعمرون تحت لواء السلم والمال فاحتلوا المدن، واستغلوا القرى، وامتهنوا القومية، وامتحنوا الأخلاق، وحولوا مجاري الثروة المصرية الى السفن الأجنبية والمصارف الأوربية، وخلفوا أهلها يابدون الدين، ويعانون الفقر، ويشكون العطلة، ويقاسون المذلة. فطن هؤلاء الشباب الأطهار إلى هذا الخطر الوبيل والداء الدخيل فصمدوا له في ميدانه المشتبه الواسع، واستنفروا القاعدين من أصحاب الأموال، والجامدين من أرباب التجارة، ونشروا الدعاية بمختلف الوسائل للانتاج الوطني، وضحوا بجهودهم الكثيرة، ونقودهم القليلة، وأوقاتهم الباقية من الدرس، على رصد الأهبة، وتنظيم العمل، وتدبير المال، وضمان الفوز، حتى توجوا ذا الجهد الجاهد بهذا المهرجان الذي أقاموه، وذلك المعرض الذي نظموه، فكان المهرجان عيداً للعيد، والمعرض حجة للىمل، والعمل كله فخراً لأهليه
* * *
وفي حديقة الأزبكية عيد (جمعية القرش) تجاهد في الانشاد جهاد عيد الوطن في الدعاية. وقد نفضت - كتلك - على بلي النفوس جدة الربيع، ونقاء الفطرة، وجمال الحداثة، فانتشر متطوعوها الأبرار في المدينة يجمعون القروش بالتوسل والتذلل والالحاف ليفتدوا بها حرية الوطن الاسير
فجماعة الوطن وجمعية القرش ومؤتمر الشعب ائتلاف منسجم من عناصر البلاد ومناهج الجهاد ومناحي الغرض: فالشباب بجانب الكهول، والاقتصاد بجانب السياسة، واللذة بجانب