المستنيرة؛ فقد كانت جميعاً تتبع جهود تركيا الجديدة في سبيل التجديد القومي والاجتماعي بمنتهى الاعجاب والعطف؛ ولم يك ثمة ما يحمل على الاعتقاد بأن هذه النزعة الاصلاحية في ظاهرها ستتحول غير بعيد الى نزعة إلحادية بعيدة المدى، والى فورة تعصب على الاسلام تقصد الى الهدم المطلق. ولكن حكومة أنقرة لم تقف في مخاصمة الاسلام عند حد؛ وانت خطوات جدبدة ظاهرة المغزى في سبيل محو معالمة: إلغاء النص الذي أدرج في دستور المجهورية الاول بأن تركيا دولة مسلمة، وإباحة القانون المدني التركي الجيد زواج النصراني من المسلمة، ثم تحريم الأذان وتلاوة القرآن في المساجد بالعربية؛ ولم يك ثمة حتى في هذه الرحلة ما يثير كبير شك في نيات حكومة أنقرة وخصومتها المضطرمة للأسلام وعقائده وذكرياته ومظاهره؛ وكانت كلمات الاندافع والتطرف والأغراق تتردد من جانب أولئك الذين مازالوا يحسنون الظن بأنقرة ويعطفون على جهودها وأمانيها. ولكن الكماليين لم يلبثوا أن رفعوا القناع بعد ذلك؛ وانتدبت حكومة أنقرة لجنة لاصلاح العبادات ومظاهرها (سنة ١٩٢٨) وأذيع يومئذ أن الجنة ترى أن تكون الصلاة في المساجد، كالصلاة في الكنئس، وأنه لا بأس أن يؤدي المؤمنون صلاتهم وقوفاً أو جلوساً على المقاعد، وأن تطربهم الموسيقى، وأن تعوف لهم الادعية والنصوص كما تعزف (آفي ماريا) أو (باترنوستر)، وأن تكون صلاة المسلمين على العموم في مظاهرها كقداس النصارى، وكان لأذاعة هذه الاقتراحات وقع عميق في الأي العام التركي ذته؛ ولما رأت أنقرة أنها تذهب بعيداً بهذه الاقتراحات أنكرتها وكذبتها، وحملت تبعاتها للجنة التي وضعتها؛ أما الرأي العام الاسلامي فما ان ليدهشه شيء بعد من تصرفات الكماليين، ومع ذلك فقد وقف مدى لحظة ذاهلاً أمام هذا الاجتراء الآثم، يلمس النزعة الهدامة التي تماي على عصبة أنقرة سياستها نحو الاسلام وكل تراثه
ثم كانت حركة أنقرة ضد اللغة العربية والكتابة العربية؛ واتخذت هذه الحركة كسابقاتها ثوب الاصلاح والتجديد القومي؛ وقيل إن كتابة التركية باللاتينية بدلاً من العربية وسيلة إلى ذيوعها وتحريرها من ثوبها العتيق، وإت اللغة التركية غنية بأصولها واودها القومية فهي ليست بحاجة إلى العربية تشتق منها وتستعين بها؛ وإذا فيجب أن تحرر من جميع الالفاظ العربية الدخيلة؛ ووضعت الفكرة موضع التنفيذ بسرعة، فالغيت الكتابة العربية،