بعام ونيف، ولكني حرمت هذا الخبز السار حتى كان رأس العام الهجري الحالي فأراد الله أن يجعل سروري مضاعفاً، فأتلقى الخبر في خير عيد للمسلمين، بل للأنسانية جميعاً
فبينما أجتاز ميدان الأزهار إذ سمعت بائع الصحف ينادي بالرسالة، وإذا بي مقبل على شرائها، فيطالعني العنوان، وإذا بين يدي عدد ممتاز خص به العام الهجري، وشرف العدد بأكثر ذكريات التاريخ
طربت حقاً - لأني أعلم أن هذا التقليد الصالح أهمل منذ الحرب الأخيرة بعد أن كان سنة تحييها أكثر الهيئات - وطربت لأني أخذت أولادي وبيئتي بالاحتفال بالعام الهجري، فأدخر لهم ليومه خير المكافآت و (اللعب) ايقاظاً لهم، وتقريباً للمعنى الى عقول الصغار
وإني أقرر اليوم أني إلى ذلك التاريخ لم أكن أعرف عن صاحب الرسالة شيئاً، ولم أكن رأيته، ولم يصلني به وبأكثر النخبة الصالحة من معاونيه غير الآثار القلمية الرائعة أمتع بها ذهني بين فرصة وأخرى
فلما قرأت العدد التاريخي شعرت بما خفق له قلبي طرباً، وأحسست بالفراغ يملأ وبالثغرة تسد
إنما تنشد للبلاد مجلة تنشر مفاخر السلف الكرام فلا ينقطع ما بيننا وبينهم فتصل المنطق. إنما تمنينا مجلة تنشر الصالح قديماً كان أو حديثاً، تخرج لنا في لغة سهلة راقية ما يأخذ بيد الأخلاق من عثرتها، ويكبح جماح الشهوة والغرور، ويزيل الغشاوة عن الأبصار، فيبدو لشبابنا الأسلام كما هو، والأدب العربي كما هو، وهما أساس الثقافة لمصر الحاضرة ولا أساس غيرهما
وما دت أظفر بهذا الكنز حتى سارعت به الى أولادي أقرهم ما يتفق وما يحيون من ذكرى، وأشرح لهم بعض ما يصعب على أذهانهم - ثم سارعت أكتب الى صصاحب الرسالة مشجعاً دون سابق تعارف، معتقداً أن السكوت بعد ذلك هرب من صفوف الجهاد، ووعدت في كتابي أن أنتهز فرصة فراغ لأعود للترسل اذا أتيح لي أن تشرُف رسائلي بمثل هذا المكان الكريم
جاءني الرد بعد قليل فاذا به آية على اختصاره، وإذا بي ألمس في كاتبه صدق الأيمان في كل مسعى ومقصد