أتيح لي في شهر سبتمبر ان أزور دار الرسالة فأسعد بلقاء صاحبها، وإذا بي ألمس في كل قول وفي كل حركة إيماناً صادقاً وأدباً رائعاً جذاباً
استجبت (للرسالة) الغراء وكلها هدى ونورـ وفي يقيني أنها في البلاد ثالثة أعلام النهضة، فبجانب (مصنع المحلة) في ميدان الاقتصاد، و (مستشفى المؤاسة) في عالم البر والتعاون، تقوم (الرسالة) حمى الأدب العربي وتراث الاسلام
واذا ان الله تعالى أكرم البلاد بهذه المجلة، فقد أكرم المجلة بثوب الأخلاق الكريمة الذي أضفاه على صاحب الرسالة، ولن تنجح رسالة بغير خلق
فالى الأمام أيها الصديق، وإلى الأمام يا خير الصحف. إنما عيد الرسالة عيد للثقافة العالية، والدين القويم، والخلق الكريم
محمد محمود جلال المحامي
بين عامي نشيد الوداع. . . . . للأستاذ علي الطنطاوي
(١) مالت الشمي الى المغيب، ولم يبق من أشعتها الذهبية إلا خيوط قليلة، تنفذ من بين قطع الغمام المتناثر حيال الأفق. . . . تقلى على العالم نظرة الوداع، وتقبل جبينه الخاشع قبلتها الأخيرة. . . ثم تجود بذمائها الباقي، وتلفظ نفسها الأخير - كما يلفظ نفسه هذا العام الراحل!
(٢) وكنت أطل من شرفة منزلي - ومنزلي في شارع بغداد: على شاطيء الغوطة، معني الغساسنة، وجنة الدنيا، وملهمة الشعر شعراء العرب الأقدمين - أطل على بساتينها الفيحاء، وجناتها الواسعة، التي تحف به من جهاته الأربع، فأرى الكون في حزن وكآبة، وأرى على جهه صفرة تبدو على أوراق الخريف الزاوية الهشيمة، وفي عينيه دمعة تترقرق، تلوح في طيات هذا المزن الراقراق، وأسمع لقلبه وجيباً، يسمع من هذه الأغصان التي يتلاعب بها النسيم. . . ثم أنظر إلى نفسي، لإارى فيها عالماً آخر. . . ولكنه مفعم بالكآبة والغم، كذلك العالم!
(٣) أطلت التحديق في هذه المشاهد - فلم تنفرج لي شفتاها عن الابتسامة التي أحن إليها وأرقبها. . . . وكنت قد عزمت على المضي في هذا التحديق، حتى أرى هذه الابتسامة،