للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأحتفظ بها بين أحناء ضلوعي، وفي مثوى الذكريات من نفسي ذكرى سارةً، تخفف من لوعة الذكر الكثيرة المؤلمة لهذا العام الراحل. . . . لكن عزيمتي قد ونت، وأيقنت أن قلبي المحطم اليائس لا تشرق عليه أشعة الابتسامات

(٤) دنت قافلة الحباة السائر في بيداء الزمن من محطها،

فتباطأت في سيرها، وقاربت خطوها، فامسيتُ أشعر بطول

هذه الساعات الباقية في عمر العام ورحت أرقب عقرب

الساعة المائلة أمامي، فلا أراه يتحرك. . فضجرت وتألمت،

وأحسست كأن هذا الفلك يدور وهو عاتقي. . .

(٥). . . بعد ساعة واحدة يُتم الفلك دورة جديدة من دوراته التي لا تحصى. فلا يترك بعدها إلا أنقاضاً مهدمة، وأجساداً محطمة، وقلوباً مهشمة، كأنما هو رحي تطحن الأمم والشعوب. . . ثم يخرج منها النداء أن: لِدُوا وابنوا وأملوا. . . ولكن للموت والخراب واليأس!

بعد ساعة واحدة، ينقضي هذا العام، فتبتلعه هوة العدم، ويفتح الماضي ذراعيه، ليضمه إلى الأعوام الكثيرة التي مرت من قبله، ويؤلفها (رزمة) واحدة، ثم يلقيها في بحر الأبدية. . . ثم تفنى عند جلال الله الباقي

بعد ساعة واحدة، يدع هذا العام مكانه من الوجود للعام الجديد، ثم يهذب فيتبوأ مكانه من عالم العدم!

(٦) بعد ساعة واحدة تختم من هذا العام صفحة كتبت أكثر سطورها بدموع المظلومين، لتفتح صفحة أخرى، لا ندري عنها شيئاً، ولكن فيها ألم وفيها سرور، وفيها أمل وفيها خيبة، وفيها ضحك وفيها باء. . . . والقدر يضحك ابداً من هذا الانسان، لأنه يراه الظالم ويراه هو المظلوم!

ما الانسان إلا عدو الانسان. .

يكتب القوى سيرة حياته، ويملأها بآيات التجليل والثناء، ولكن مدادها دموع الاشقياء،

<<  <  ج:
ص:  >  >>