جاء عزام من أرض مصر لمختارة الى نيسابور من أرض
إيران، فأراد أن يقبل تربة العطار إذ ملأت محبته روحه،
وذهب بدءاً الى مرقد الخيام فرأى مكاناً ناضراً زاهراً، وسمع
صيحات الطرب، ورنات الكؤوس من كل جانب، ورأى
القلوب تفور بناز الصهبا. قال عزتم: أيها القلب دع بساط
الشراب والسرور، واعجل الى العطار ذلك الشيخ الوقور،
فسلك الصحراء رجل الطريق هذا حتى رأى قبراً عليه حجر
أسود، فلثم سدة العطار وطاف في هذه البقعة المباركة. ثم
صاح بغته وقال مضطرباً قد أصاب كفي زنبار. قال له
الياسمب: يا عالم مصر! بل يا أيها الدر المتلألئ في بحر
مصر!
(هذه حمة العطار لالسعة الزنبار، فان تتحمل فهو لذلك أهل)
حمة العطار توقظك حتى لا تخلو لذة من ألم إن تبتغ الحبيب فلابد من السعي الجاهد، وإن ترد اللذة (نوش) فلابد من الحمة (نيش). إن تكن ذقت حلاوة الخيام، فوخزة العطار خير يا عزام
من يجزك يوقظك من الغفلة، ومن ينعمك يدعك في غمرة. وخزة اليقظة تبعدك من الضلال، واللهو ينأي بك عم السداد، وانبعثت حينئذ من هذا الجدث صيحة بينة مفصحة وعتها أرواحنا:
(يا من اختلط وجوده بالعدمن وامتزجت لذته بالألم!
إذا لم يتداولك الهبوط والصعود، فكيف تعرف نفسك في هذا الوجود)