فتفتحت اليوم عن أدب حديث يشعر على حداثته بحقيقته ومصيره.
كانت الثورة الصينية ثورة سياسية واجتماعية وثقافية في وقت معاً. ففي السياسة أدت إلى سقوط الملكية وقيام الجمهورية، وفي الاجتماع أفضت إلى اقتباس الأخلاق الغربية. وفي الثقافة هدت إلى اكتشاف العلوم والأفكار الأوربية. والفضل في هذا الاكتشاف للأديبين (ين فو)(١٨٥٣ - ١٩٢١) و (لن شو)(١٨٥٢ - ١٩٢٤) فإن الأول نقل إلى الصين فلسفة (هكسلي) و (ستيوارت مل) و (سبنسر) و (سميث) و (جنكس) و (جفونس) و (ستراب) و (منتسكيو) ونقل الثاني قصص (ستيفنس) و (ديكنز) و (ولترسكوت) و (كونان دويل) و (واشنطون أرفنج) و (فكتور هوجو) و (دوماس) و (بلزاك) و (سرفنتيس) و (تولستوي) فكان لما ترجماه أثر بالغ في الفكر الصيني الحديث.
فمنذ الساعة الأولى فكر رسل الثورة الاجتماعية في اتخاذ القصة وسيلة للدعاية، وقد قال (ليانغ كي تشاو) وهو صحفي من المدرسة الحديثة: (يجب أن نبدأ اليوم بثورة في القصة، فإنا لا نستطيع أن نخلق شعباً جديداً إلا بقصة جديدة).
ولكن الصعوبة الوحيدة هي اللغة. فإن لغة الكتابة تختلف عن لغة التخاطب، ولغة التخاطب نفسها تختلف في إقليم عنها في إقليم بل في مدينة عنها في مدينة. فالمدرسة الحديثة حاولت أن تقرب بين لغة الكتابة ولغة الخطاب. ولكن أي لغة من لغات التخاطب تجعلها نموذجاً ومثلاً؟ وهل تضطلع حروف الهجاء الصينية (وهي لحسن الحظ واحدة في جميع المدن والأقاليم) بهذا الإصلاح؟ إن توحيد التعليم العام يقتضي لغة كتابية يقبلها كل الناس. واللغة المندرينية لا يمكن أن تكون على حالتها هي تلك اللغة.
ففي سنة ١٩١١م أسست الجمهورية الناشئة مجمعاً عاماً أصلح هذه اللغة وجعلها لغة وطنية، ثم وضع لها تسعاً وثلاثين علامة صوتية، تساعدها على الانتشار بين طبقات الشعب، ومنذ ذلك الحين أصبح في إمكان الكاتب أن يؤلف القطع الأدبية، ويكتبها بالحروف الصينية. فتتفق مع اللغة الوطنية، وهذه اللغة المكتوبة الجديدة التي يفهمها الصينيون على السواء قد أطلقوا عليها أسم (بوهويا) أي اللغة الواضحة. والأدب الصيني في هذه اللغة العامة لا يرجع تاريخه إلى أكثر من اثنتي عشرة سنة.
وليس هذا كل الاختلاف بين الأدب الحديث والأدب القديم. فإن الفكر الصيني قد تغير