(لوبن) قائمة على الديمقراطية، فهو يؤلب الأخيار المضطهدين على الأسرة الحاكمة، ويحارب الفروق الاجتماعية بين طبقات الشعب، فلا يعترف إلا بنصفين من الناس: الشجعان والأذكياء، وهؤلاء وأولئك ملزمون أن يعملوا لخير الأمة، ولا بأس أن يعيشوا عيش اللصوص وقطاع الطرق ما داموا يذودون بذلك عن المظلومين والمحرومين.
ثم ظهرت بعد ذلك طائفة كبيرة من القصص على عهد آل (منغ) من سنة ١٣٦٨ - ١٦٦٢م ولكن قصتين اثنتين من بينها تلفتان النظر وتسترعيان الخاطر وهما (حكاية رحلة إلى بلاد المغرب)، و (زهور الشر في أصيص من الذهب) فالأولى قصة وهمية كثيرة المخاطر الخارقة والأوهام العجيبة. والثانية قصة نفسية (بسيكولوجية) لمؤلف مجهول تدور على ما وقع من المخاطر الغرامية لغني من الأغنياء أسمه (سي من كنغ) وهو متبطل شهوان محصن ولكن له أخداناً كثيرات، والقصة تعرض بالتفصيل حياة هؤلاء الخليلات الخاصة، وتشتمل على فصول من الفحش والرجس والدنس ولكنها غاية في التحليل النفسي للمرأة، والدقة في وصف المشاهد، والتنويع في مساق الحوادث. وفي عهد آل (تسنغ) ظهرت أنواع كثيرة من القصة كالقصة العلمية ويمثلها قصة عنوانها (ثرثرة شيخ قروي يتشمس) للقصصي (هياكنغ كيو) من كتاب القرن السابع عشر، وقصة أخرى عنوانها (حظ الأزهار المنعكسة على الثلج) للكاتب (لي فوتشن) من رجال القرن الثامن عشر، فالأولى تخوض في أحاديث شتى عن الفلسفة والكتب القديمة وأمانة الوزراء وتقوى الأبناء والمكائد والفنون والطب والأخلاق وغير ذلك مما جعلها دائرة معارف هي إلى الدعوى والافتراء اقرب منها إلى العلم الصحيح. وأما الثانية فهي بحث علامة جليل عالج فيها كثيرا من المسائل النسائية وعلى الأخص مساواة الجنسين، وهذا في الأدب الصيني شيء جديد.
والقصة الأخلاقية ظهرت في هذا الحين، وهي تقص حكايات الممثلين والممثلات، وتصف أخلاق البغايا والمومسات، ثم ظهرت في القرن التاسع عشر القصة الهجائية فهجم بها الكتاب على الأسرة الحاكمة التي طواها الموت، ورشقوا بسهام النقد طبقة العلماء والموظفين على أن الأنواع القديمة كالأقاصيص الخرافية والقصص التحليلية وسير الأبطال استمرت تؤتي أكلها في عهد آل (تسنغ).
تلك كانت حال القصة الصينية حينما ظهرت بواكير الثورة الأدبية في القرن التاسع عشر