وأعضاؤه. وترجعُ بذلك حيوانيته مع نفسه الروحانية، كالحمار الذي يملكُه ويعلفُه، لو سئل الحمارُ عن صاحبه من هو؟ لقال: هو حِماري. . . . . .
القبرُ على الأرض كلمةٌ مكتوبةٌ في الأرض إلى آخر الدنيا معناها أن الإنسان في قانون نهايته فلينظر كيف ينتهي
إذا كان الأمر كله للنهاية، وكان الاعتبارُ بها والجزاءُ عليها، فالحياةُ هي الحياةُ على طريقة السلامة لا غيرها. طريقة إكراه الحيوان الإنساني على ممارسة الأخلاقية الاجتماعية، وجعلها أصلاً في طباعه، ووزن أعماله بنتائجها التي تنتهي بها، إذ كانت روحانيته في النهايات لا في بداياتها
في الحياة الدنيا يكون الإنسان ذاتاً تعملُ أعمالها؛ فإذا انتهت الحياةُ انقلبت أعمالُ الإنسان ذاتاً يخلدُ هو فيها؛ فهو من الخير خالدُ في الخير ومن الشر هو خالد في الشر؛ فكأن الموت إنْ هو إلا ميلادٌ للروح من أعمالها؛ تولد مرتين آتيةً وراجعة
وإذا كان الأمر للنهاية فقد وجب أن تبطلَ من الحياة نهاياتٌ كثيرة فلا يترك الشُّر يمضي إلى نهايته بل يُحسم في بدئه ويقتل في أول أنفاسه؛ وكذلك الشأن في كل ما لا يحسن أن يبدأ، فانه لا يجوز أن يمتد كالعدواة والبغضاء، والبخل والأثرة، والكبرياء والغرور، والخداع والكذب؛ وما شابَكَ هذه أو شابهها، فإنها كلها انبعاثٌ من الوجود الحيواني وانفجارٌ من طبيعته؛ ويجب أن يكون لكل منها في الإرادة قبرٌ كي تسلم للنفس الطيبة إنسانيتها إلى النهاية
يا من لهم في القبور أموات!
إن رؤية القبر زيادة في الشعور بقيمة الحياة، فيجب أن يكون معنى القبر من معاني السلام العقلي في هذه الدنيا
القبر فمٌ ينادي: أسرعوا أسرعوا فهي مدة لو صُرفت كلها في الخير ما وَفَتْ به؛ فكيف يضيع منها ضَياعٌ في الشر أو الإثم؟ ولو وُلد الإنسان ومشى وأيفَعَ وشبَّ واكتهل وهرم في يوم واحد، فما عساه كان يُضيع من هذا اليوم الواحد؟ إن أطول الأعمار لا يراه صاحبه في ساعة موته إلا أقصر من يوم
ينادي القبر: أصلحوا عيوبَكم، وعليكم وقتٌ لإصلاحها. فإنها إن جاءت إلى هنا كما هي