الآن. . . . ومع هذا فإنها تطلعنا على وضع علم الآثار في ذلك العصر وتدلنا صريحاً على فهم الناس لبقايا السلف
٨ - صعوبة الوصول إلى الكتابة لدراستها
ومع أن منحوتات بهشتون كانت قد لوحظت ودرست من قِبَل عدد غير قليل من السياح خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، فان أمر نقل الكتابات التي هنالك ظل نسياً منسياً. . . . ولهذا لم تقع تلك النصوص في حوزة من يريد فحصها أو تدقيقها ودرسها من طبقة المتعلمين. ولاشك أن لهذا التقصير سبباً: فالقيام باستنساخ النصوص أمر في منتهى الصعوبة، لأن الكتابة - كما قلنا سابقاً - نحتت على واجهة صخرية قائمة الانحدار، يبلغ ارتفاعها ٥٠٠ قدم فوق مستوى السهل. على أن من الممكن الوصول إلى ما علوه مائتا قدم فقط بتسلق كتل الصخر وجلاميده المتفككة والقلاع التي في سفح الجبل؛ أما بعد هذه الصخور المبعثرة، فالأمر يصبح عسيراً جداً، إذ ينتصب الصخر فجأة، فيكون التسلق عليه محفوفاُ بالمخاطر الجسيمة من كل جانب
٩ - السر هنري رولنصن يعمل في بهشتون:
وكان أول من تغلب على هذه الصعاب هو السر هنري رولنصن (١٨١٠ - ١٨٩٥) الذي أصبح حل الكتابة المسمارية مديناً لمجهوداته ومساعيه ومغامراته
ففي عام ١٨٣٣، عندما كان ضابطاً في الجيش الهندي اختير مع بضعة ضباط ليتوجهوا إلى إيران ليساعدوا الشاه على تدريب جيشه. وفي عام ١٨٣٥ كان قد أرسل إلى كرمنشاه باعتباره مستشاراً للحربية ومساعداً لحاكم تلك المقاطعة. وفي طريقه إلى هناك مر بهمدان (اكبتانا) وانتهز الفرصة فاستنسخ الكتابات المسمارية المنحوتة على واجهة الصخر في وادٍ بجبل الوند قريباً من تلك المدينة. وقد نجح في دراسته لهذه الكتابات ووفق الحصول على (مفتاح) لمعرفة العلامات المستعملة في الكتابات المسمارية الفارسية القديمة. ولابد أن نذكر هنا أنه لولا دراسته اللغة الزندية القديمة والفهلوية لما تمكن من قراءة الكتابة البابلية، لأن هاتين اللغتين كانت مشابهتين لكتابة اللغة المسمارية الفارسية، وتمكن أخيراً أن يكون (هيكلاً) للقواعد الصرفية والنحوية وأن يتحقق من معاني كلمات متعددة