يقول له: إلى متى هذا؟ فعلم أنه أمر المشهد فأمر بعمارته) ثم بنى ابنه السلطان مسعود سوراً حول المشهد ليقيه غارات القبائل المجاورة. وفي القرن السادس الهجري استولى الغز على المدينة ونهبوها ولكنهم أبقوا على مشهد الرضا. وكذلك نهبت في القرن الثامن في عهد السلطان محمود غازان من الملوك الايلخانيين
وأعظم الملوك عناية بالمشهد قبل عهد الصفويين السلطان شاهرُخ بن تيمورلنك (٨٠٩ - ٨٥٠) وزرجه جوهر شاد؛ وسنذكرها حين الكلام على مسجدها العظيم
وكان عهد الصفويين عهد نماء وازدهار للمدينة، فقد تنافس الملوك الصفويين في تعمير المشهد وتجميله، وتعمير المدينة كلها، ولاسيما الشاه طهماسب الأول (٩٣٠ - ٩٤٨) والشاه عباس الكبير (٩٩٥ - ١٣٠٧)، ولكن عناية الصفوين لم تكفها الغارات والنهب، فقد غصبها أمراء الأزبك والشيبانية ثلاث مرات على رغم الصفويين وسيطروا عليها أزمنة مختلفة
وكذلك استولى عليها الأفغان حينما استولوا على إيران. ثم جاء البطل الكبير نادر شاه، فأكثر الإقامة فيها واختط قبره بها، وبنى في المشهد الرضوي أبنية رائعة. ثم عادت إلى الأفغان حينما زلزلت دولة نادر شاه بتنازع خلفائه على العرش. وتداولتها حوادث أخرى حتى استولى عليها آقا محمد خان القاجاري، وقتل سلطانها شاهرخ الأفشاري سنة ١٢١٠. وفي العصر الأخير ثار بها على القاجاريين بعض الثائرين فتذرع الروس بهذا إلى الاستيلاء عليها، فأطلقوا مدافعهم على المدينة في ٢٩ مارس سنة ١٩١٢، وهي الآن تنال نصيبها من العمران والطمأنينة السائدين في إيران اليوم
والمدينة على ارتفاع ٩٣٠ متراً وطولها ٥٩ وعرضها ٣٦، في وادي كشف رود (نهر كشف) الذي ينبع على عشرين كيلاً إلى الشمال الغربي من طوس ويسمى أحياناً آب مشهد (نهر مشهد) ويصب في نهر هراة (هري رود) على ١٥٠ كيلاً إلى الجنوب الشرقي من مشهد، وتبعد المدينة عن شاطئه سبعة كيلات إلى الجنوب. ويبلغ ارتفاع الجبال عندها ثلاثة آلاف متر. فهي باردة الشتاء، جيدة الهواء.
ونهر كشف لا يسقي المدينة، بل يأتيها الماء من عين اسمها جشمه كلاس عند منبع نهر كشف في قنوات طولها ٧٤ كيلاً جرها إليها الوزير الكبير والأديب العظيم والشاعر المفلق