للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما وصلت إلى حيث وجدت البقر مستلقياً على الأرض استقبلها بخوار من الفرح. ووقفت لتراه، فتقدمت قائدة البقر ووضعت خيشومها في يدها كأنها اعتادت أن تجد شيئاً من لذيذ الطعام في هذه اليد

فأدركت أن هذه الأبقار لا يمكن أن تكون إلا أبقارها. لقد ميزتها من جديد وهي تعرف اسم كل منها

ولكن كيف يتفق هذا وذاك؟ كيف يصح لأبقارها أن تنام عند طرف الدوار الريفي المسحور؟

وفي نفس اللحظة انفتح باب الدار. وخرجت منه بنت صغيرة ذات شعر ذهبي مسترسل، وكانت مرتدية جلباباً أزرق مفوفاً حافية القدمين. هذه كانت ابنتها. ففتحت باب الحاجز. وأخذت الطفلة بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها، وقالت لها: (إنك طبعاً ابنتي، ولكن لَم أنت هنا؟)

وقالت الطفلة: (إنني طبعاً هنا حيث يجب أن أكون.)

ووقفت القروية حيرى لا تعي شيئاً. وفي تلك الأثناء بدأت الطفلة التي لا زالت بين ذراعيها تمسح بيدها شعر أمها وتصففه. وبدأت ترفع قناع الرأس الذي أنحدر إلى العنق. ورأت أن أمها ليست كما كانت عليه من تألق وانشراح. ولكن العقدة انحلت وأصبح قناع الرأس في يديها

وقالت الأم (انتظري قليلاً، أديري هذا الرباط على وجهه الآخر قبل أن تعقديه ثانية.)

وظنت أنها بهذه الوسيلة قضت على كل الخيالات التي انتابتها، كما كانت هذه وسيلتها من قبل. وفجأت رأت الضالة أين هي

فهي في دوارها الذي تملكه. هنا حيث ولدت وشبت، ولكن الشيطان قد مسها قبلاً ' لى حد لم تعرف معه دوراها

ووقفت والطفلة على ذراعيها ترمي بنظرها إلى ما حولها، لا، إن هذا الدوار الريفي جميل وعظيم جداً إذا ما نظر إليه المرء باعتباره أجنبياً عنه. الآن عرفت أن لا مثيل له في تلك المنطقة، وكانت تريد تركه. إن كل ما عداه أصبح بغيضاً لها!

وارتأت أن لابد من الذهاب إلى زوجها، وأن تحدثه بكل ما جرى، ولم تقبل ابنتها مفارقتها،

<<  <  ج:
ص:  >  >>