للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنحدر، ومع ذلك لم تجد طريقاً، أو علامة الأميال، أو كوخاً ينشر فيه الخشب، حتى ولا منحدر ماء يصح أن يكون نجماً تهتدي به في طريقها. وكانت تسير وكأنها في قاع بحر خضم اخضر لونه. قالت في نفسها: (هنا وجب علي المسير حتى تعمني موجة خضراء وتطويني ضمنها)

وفيما هي سائرة إذا بها قد وصلت إلى طرف الغابة مرة أخرى. ورأت ثانية نفس الدار الفخمة

وهنالك تلك الدار. وعلى نوافذها ستائر بيضاء، ويتقدمها بضع أشجار من التفاح منبثقة. وكانت مدهونة بدهان أحمر جعلها تتألق في الزينة، حتى لكأنها مشتعلة وسط البقعة الخضراء كحشرة السعادة في ليلة صيف على طريق أخضر يفصل حقلين

وكانت في هذه المرة قريبة منها لدرجة مكنتها من رؤية كل شيء فيها. وكانت آلات الحرث والزرع والعربات موضوعة في مخازنها، كما كانت الأخشاب مصفوفة صفاً. وكانت العربات تسير دون التواء بين الحقول. وكانت الخيول القصيرة الجميلة القوية البناء الممتلئة كالتي تتمناها، ترعى في المراعي التي تأثرت بالصقيع

وكلما أنعمت النظر في كل شيء فيها أثار ذلك إعجابها، وقالت في نفسها: (أي، لو أن هذا الدوار الريفي لي، للذ لي المقام فيه؛ نعم إني أراه منعزلاً بعض العزلة غير أنه جميل للغاية، ومن أمامه البحيرة ومن خلفه الجبل)

وقالت في نفسها (ذلك الرجل الذي يسير الآن بين مباني ذلك الدوار الريفي ليخرج الخيل، لاشك أنه صاحب المزرعة، ولم أر في يوم من من أيام حياتي رجلاً سمهرياً قوياً مثله)

ولكن فرحها الأعظم كان بقطيع البقر الذي خرج تواُ من الغابة ووقف عند طرفها

وقالت في نفسها: (هذه الأبقار مسحورة، لا يشك في ذلك كل من يراها. ضرع طويل وحوالب متوازية. وجميعها ذات لون أحمر كالجمر، أن حلب مثل هذه الأبقار لهو الفرح بعينه. . . . كم لتراً من الألبان تدر هذه الأبقار يا ترى؟)

وشعرت بأن ذلك الأغراء يتزايد عندها ويدفعها إلى التقدم نحو البقر المسحور لتحلبه، ولترى ذلك الدوار الريف الفخم، الذي نسق كل شيء فيه أحسن تنسيق. وتشككت في ضعف طبيعتها. وأخيراً تقدمت نحو الدوار المسحور

<<  <  ج:
ص:  >  >>