والكتاب لا يعني كثيراً بأخبار الشعراء الذين ترجم لهم الثعالبي في الأقسام الأربعة كما يعني بذكر أشعارهم، ونبذ من منثورهم أحياناً، ولكنه مع هذا يشتمل على كثير من الفوائد التاريخية المهمة، ولاسيما في القسمين الثالث والرابع اللذين يتضمنان تراجم الشعراء الذين عاشوا في إيران وما يتصل بها. وهو من هذه الجهة يحوي فوائد قيمة، وبعض الشعراء الذين ترجم لهم الثعالبي في هذين القسمين ممن عرفوا في عُرف ذلك العصر بالشعراء ذوي اللسانين: أي الذين نظموا بالعربية والفارسية. وقد أثبت في مواضع ترجمة بعض شعرهم الفارسي، وفي موضع أو اثنين نماذج من شعرهم الفارسي أيضاً. وهذه النبذ على قلتها ذات خطر يجعل اليتيمة من المنابع المهمة، لتحقيق تاريخ إيران وتاريخ الأدب الفارسي في القرنين الرابع والخامس
وقد ذيل اليتيمة كتاب آخرون، ساق كل منهم الكلام من حيث انتهى الثعالبي إلى زمانه هو. وأكثر هذه الذيول انتشاراً كتاب دمية القصر لعلي بن الحسن الباخرزي تلميذ الثعالبي. ويُعتبر ثاني اليتيمة في القيمة والفوائد التي ذكرنا.
ويؤسفنا أن الدمية على مكانتها الأدبية لم تطبع حتى اليوم: والطبعة الناقصة المشوهة التي طبعت في حلب قبل بضع سنين لا تعدل فلساً. وأول من ذيل اليتيمة فأكمل نقصها بذكر الشعراء الذين نسبهم المؤلف أو لم يظفر بشيء من أشعارهم وأخبارهم حين التأليف، أو نبَهُوا بعد انتشار الكتاب، هو الثعالبي مؤلف اليتيمة نفسه. ويؤخذ من مقدمة النسخة النهائية للمجلد الأول من اليتيمة أنه جد منذ نشر النسخة الأولى سنة ٣٨٤ في تكميل اليتيمة والزيادة عليها. حتى تسنى له أن ينشر النسخة الأخيرة بين سنتي ٤٠٢ و ٤٠٧، وأهداها إلى الأمير أبي العباس مأمون أبن مأمون خوارزمشاه المتوفى سنة ٤٠٧ في سن ٣٢
وبعد ما يقرب من عشرين سنة من انتشار النسخة الأخيرة من اليتيمة ألف الثعالبي كما يقول هو في مقدمة النسخة التي بأيدينا كتاباً لطيفاً على نسق اليتيمة وترتيبها سماه تتمة اليتيمة، أراد أن يرفع نقص اليتيمة ويجبر كسرها وان يكون ضميمة للكتاب الأصلي تبلغ به اليتيمة الحد الذي بلغه جهد الثعالبي.
ومعنى هذا أن كتاب اليتيمة ناقص بدون هذه التتمة؛ وقد عرف ذلك الثعالبي نفسه. ذلكم بأن الذيل الحاضر، يحتوي على أسماء كثير من الشعراء الذين أغفلتهم اليتيمة أو نبه شأنهم