شيئاً من آراء المتكلمين من المعتزلة، فنشأ فارسي الهوى، شيعي المذهب، معتزلي الرآي
كان أمر خراسان في ذلك الوقت إلى الدولة السامانية، وهي دولة فارسية من الدول التي تقسمت سلطان الدولة العباسية بضعف السلطة المركزية في بغداد ابتداء من القرن الثالث الهجري. وقد جهد السامانيون في بعث الروح القومي الفارسي مستعينين على ذلك بما للتاريخ والأدب من القوة في إذكاء الروح القومي عامة. فنقل وزيرهم البلعمي برسم الأمير منصور الساماني تاريخ الطبري إلى الفارسية، وتقدم عاملهم على طوس أو منصور ابن عبد الرزاق إلى رجل يقال له أبو منصور المعمري في جمع أخبار الفرس القدماء في شكل تاريخ شعبي لفارس من أقدم عصورها إلى الفتح الأسلامي، فعهد بالأمر إلى أربعة من الفرس الزرداشتيين فجمعوا ذلك التاريخ من الكتب المحفوظة في قلاع فارس، وفي خزائن الموابذة والدهاقين. ثم كتبوا ذلك التاريخ بالفارسية الحديثة وسموه (الشاهنامة) أي (كتاب الملوك)، وكان ذلك حوالي عام ٣٤٧هـ؛ وأراد السامانيون أن يسهل على الفرس تناول هذا التاريخ وتداوله فعهد الأمير نوح ابن منصور الساماني ينظمه شعراً إلى فتى فارسي شاعر يعرف بالدقيقي. فأخذ الدقيقي في ذلك فنظم منه ألف بيت ثم هلك غيلة حوالة عام ٣٦٦هـ.
اطلع الفردوسي على الشاهنامة المنثورة وعلى ما نظم الدقيقي منها من نسخة أعاره إياها صديق له يقال له (محمد لشكري). وأشار عليه ذلك الصديق أن يتم ما شرع فيه الدقيقي، وصادف ذلك هوى في نفسه، فامتثل الاشارة وعكف على نظم الشاهنامة من حيث انتهى صاحبه، فقضى في ذلك ثلاثاً وعشرين سنة أتم فيها نسخة الشاهنامة الأولى (٣٨٩هـ) ثم أهدى تلك النسخة إلى كبير من كبراء الفرس الظاهرين بأرض أسبهان يقال له أحمد الخالنجاني، فأجازه عليها بجائزة يسيرة
في تلك السنين الطوال كانت خراسان قد تبدلت بها الحال، لاضطراب أمر الدولة السامانية القومية المستنيرة، وعراها ما يعرو البلاد عادة عند التأذن بذهاب دولة وقيام أخرى. فأهملت المرافق العامة وخاصة مرافق الري، والبلاد يعدُ بلاد زراعية، فشح الماء، وجف الزرع، وأجدبت الحقول، ونالت ملاك الأراضي شدة تعذر علبهم معها أداء الخراج الموضوع على أراضيهم. وكان الفردوسي بطبيعة الحال من ضحايا تلك الشدة الاقتصادية،