للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(أما الأمارة فلا نراها في الشعر. إن هي إلا في تلك السياسة، وهذه الدولة والرياسة. فدع عنك التعرض لهذا، فما أظنك مصيباً من الجائزة شيئاً)

فضحك الحاضرون شماتة في الهجاء الذي لم يترك من أهل الشعر ولا من اهل العلم أحداً إلا وتره وحرك حقده

وكان الشيخ الهجاء قد انكسر عند ذلك، غير انه لم يرض أن يترك من الوخز فقال ناظراً الى الشاعر الآخر:

(وما لك أنت؟ لأني بك قد تحركت غيرتك. غير أن لست بمستطيع اليوم أن تقول شيئاً. فقد ملك اليوم ابن عطاء) فقال الأمير مدفعاً عن الدمياطي:

(ومالك أنت به يا شيخ عامر؟ أنسيت مدحته العظمى؟ أنسيت مدامته الارجوانية في المقامة الرضوانية؟ لقد ينقطع عمر الكثيرين دون مثلها)

فقال الشيخ عامر ولم يثنه دفاع الأمير:

(إن هي إلا بيضة الديك) وأشار الى الشاعر، ثم صاح وجه الشاعر الدمياطي، وقال غاضباً:

(لو شئت الهجاء لهجوتك، ولكنك أقل من أن أهجوك، فاسمع إذن مدحتي في زين الملوك وأقر بعجزك وصغارك)

ثم اندفع يقول:

بشرى الربيع لقد وافت بشائره ... وفاح دونك في الآفاق عاطره

ومالت القضب بالأطيار مطربة ... وقد تبسم من عجب أزاهره

فسر مقدمه الحالي أخا شجن ... يهجه من معاني الدوح ناضره

ثم أوغل في وصف الربيع وزهره ونسيمه وعطره، فأبدع وأطرب إلى أن تخلص من وصفه الممتع إلى مدح الأمير فقال:

والزهر من فرح أهدى النثاريها ... لما سما الورد واستعملت مظاهره

حكى بمنظره الحالي ومخبره ... صفات رضواننا السامي زواهره

أمير مجد لنا تتلى مدائحه ... مدة الزمان كما تروى مآثره

تخاله الليث والمريخ في يده ... إذا بدا جائلاً والسيف شاهره

<<  <  ج:
ص:  >  >>