لها مساوئها بجانب مزاياها: إذ زخر أدبنا دون غيره من الآداب العالية بأشعار المديح والتهنئة والاستجداء، وشتان بين أدب ينمو في ظلال الحرية والاستقلال، وآخر بين قيود الرعاية والحماية والمنحة
كان الدستور محور السياسة في انجلترا، وكان الدين محورها في الأقطار العربية، فعليه انقسمت الأمة أحزاباً في أول الأمر، ومنه انبعثت الفتن والثورات وقامت الأسر الحاكمة وتقسمت الإمبراطورية العربية دولاً ودويلات، وبحافز منه جاهد المسلمون الروم ثم الفرنجة. كان الدين في كل هذه الأطوار مبعث النشاط السياسي وزناد الروح الوطنية والقومية، ولا ترى الشعر العربي يحفل بالحماسة وروح القومية إلا في عصور الجهاد تلك
فالحياة الديمقراطية في انجلترا كانت العامل الأول في اتسام الأدب الانجليزي بالنزعة العملية ومساهمته في الحركات السياسية والاجتماعية، واختراع الطباعة كان عاملاً آخر ساعد اتصال الأدباء بلحياة الاجتماعية واعتمادهم على جمهور القراء بدل الاعتماد على منح الأمراء، ونتج من توثق هذا الاتصال نشوء الصحف الدورية فكانت عاملاً جديداً في هذا الميدان أعقبه تعميم التعليم
فعاملا امتلاء الأدب الانجليزي بالنزعة العملية هما الحياة الديمقراطية أولاً وانتشار المطبوعات ثانياً، وقد كان كلا العاملين يعوزان الأدب العربي، ومن ثم يزخر الأدب الانجليزي بالشؤون الاجتماعية والسياسية والوطنية بينما يقتصر الأدب العربي على وصف المشاعر الانسانية العامة وتصوير حالات النفس وأطوار الفرد