تستمد هذه النصيحة إلا من نفسك. فلا تحاول أن تتعلم كيف تعيش إلا بأن تعيش)
ولكي نعيش (في نظر جيد - عيشة لا يقيدها قيد يجب ألت نتردد عند الحاجة في الثورة على نظام الاسرة والجري وراء إحساساتنا تقودنا الى حيث الحقيقة العظمى. فالاستقرار هو ألد أعداء جيد، لأن رائده هو أن نكون متأهبين دائماً لتغيير جديد في حالتنا
وفي كتابه الأغذية الأرضية نسمع جيد يخاطب (ناتانابيل: إياك أن تستقر في مكان، فبمجرد أن تغيرت ظروف هذا المكان واصبحت موافقة لطبيعتك، او جعلت انت نفسك موافقاً لظروف المكان، عندئذ لا تبقى لك فائدة تُرجى من وجودك، فيجب ان تهجره، ليس هناك أخطر عليك من أسرتك، من غرفتك، من ماضيك)
وفي قصة ' نسمع (مينالك) يقول: (إنني لا اريد ان اتذكر. فاعتقادي ان هذا منع لوصول المستقبل. واعتداء على الماضي الذي لم يعد لي فيه حق، إنني بنسياني الكامل للأمس أجدد كل ساعة من حياتي. إن كوني كنت سعيدا لا يكفيني، لأنني لا أومن بالأشياء الميتة. وما كنت عليه وزال عني الآن هو عندي كأنه لم يكن)
على أن فكرة جيد عن التحرر المطلق كما رأينا لم تقض على عاطفته الدينية. بل لقد أحدث عنده هذا الايمان القوى بالتحرر وبالاستسلام لكل إحساس يغمرنا، نتيجة عكسية، إذ جعل جيد يترك العنان لإحساسه الديني يطغي عليه بين وقت وآخر دون أن يحاول كتبه، فنراه يتكلم عن الله والحياة الخالدة بأسلوب متصوفٍ زاهد، ففي كتابه الاغذية الارضية وهو كتاب الذي ينفجر فيه بالدعوة إلى التمتع بالحياة الحسية يقولك (إنك حيثما تذهب لا تستطيع أن تقابل إلا الله) وأيضاً (ناتانابيل: لا تأمل أن تجد الله إلا في كل مكان) وفي كتابه الأغذية الأرضية الجديدة يقول: (يجب أن نفكر في الله بأقصى ما يمكن من الانتباه واليقظة. . . إنني عندما أهجر التفكير في الخالق إلى التفكير في المخلوق تنقطع صلة نفسي بالحياة الخالدة وتفقد حيازتها لمملكة الله)
والآن، أليس من التناقض مع فكرة (التحرر الأخلاقي) والدعوة إلى التمتع بالحياة أن يغمر جيد إحساس أشد المتدينين إيماناً فيفكر في اله كل يوم - كما يقول - ولا يستطيع له فراقاً؟
إن جيد يبرر موقفه بفلسفة هي أهم نواحي التجديد في تفكيره. إنه يفصل بين اللذة والحب أو بعبارة أخرى بين الجسد والنفس لذا نراه يبيح من جهة تحقيق كل مقتضيات الجسد،