آه، حبذا المقام هنا بعيداً عن الناس وحيداً مع الطبيعة!
يحيط بي سور أخضر من رياض الأرض،
ويقوم حوالي أفق محدود فيه مجال للبصر،
فلا أسمع غير همس الموج ولا أبصر غير وجه السماء
لقد رأيت كثيراً واحسست كثيراً واحببت كثيراً
ثم جئت هنا حياً لأبحث عن هدوء (ليتيه)!
فيا أيها الوادي الجميل! كن لي ذلك
النهر الذي يُذهب بالنسيان هموم القلب؛
ففي النسيان وحده منذ اليوم سعادتي ونعيمي
إن قلبي في رخاء ونفسي في سكون،
وإن ضوضاء العالم لتفنى قبل أن تصل إلي
كالنغم البعيد يخفت على طول المدى
ثم لا يقع منه في الآذان إلا صدى
من هذا المقام ومن خلال ذاك الغمام
أرى الحياة حولي تغوص في غيابة الماضي،
فلم يبق مائلاً غير الحب بقوى ويتجدد،
كالصورة الكبيرة تبقى على اليقظة من حلم تبدد
استروحي يا نفس في هذا الملجأ الأخير،
كالمسافر اللاغب يجلس على باب المدينة،
وقلبه ذاخر بالأمل والطمأنينة،
فيستثنى قبل أن يدخل نسيم المساء العبث
فلننفض عن اقدامنا الغبار كما نفض هذا الرجل المجهود،
فانا لن نسلك هذه الطريق مرة اخرى؛
ولنْنْشق مثله في آخر المدى المحدود،
نفحات الهدوء المبشر بالسلام الدائم