للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصادفات للوقوف في (بونتاسياف). . . أنا هو (مارك سيريني) الذي سيرحل بعد قليل، ولكن بعد أن يكون قد ترك قلبه في هذه النافذة، لأنه شاعر، والشاعر مجنون، وهو هو هذا الجنون الذي أطبق عليه، وجعله مفتوناً بك أيتها المجهولة المغرية، إلى حد الوله!!.

وله؟. . . وأكثر من ذلك أيضاً!

هكذا في طرفة عين؟. . هكذا في طرفة عين!

ولقد استحال عدم اصطباره إلى شيء آخر، حتى إنه لم يستطع أن يخفي استياءه، عندما أبصر السائق يعود بعد أفول الشمس، وفي يده وعاء فيه قليل من البنزين، حصل عليه بأعجوبة من سائق أستوقفه على قارعة الطريق.

وأخذ (سيريني) يحدث نفسه: (لماذا وجدت البنزين أيها الأبله!. ألم تحدثك نفسك أن سيدك أمسى لا يرغب في الابتعاد عن هذا المكان؟ وإنه هنا وتحت هذه النافذة يمتع نفسه بالنظر إلى عيون حسناء مغرية؟ لقد كان خيراً له أن تعود فارغ اليدين ما دام قلبه قد امتلأ!!).

ولكن السائق الذي لم يك نبيا ولا يمت إلى نبي بصلة النبوة ولا صاحب كرامة تسمح له أن يشعر من مسافة ثلاثة كيلومترات أن سيده صار فجأة لا يرغب في البنزين لم يفهم التأنيب الخفي الذي يسدده إليه سيده لأنه بذل أكثر مما في وسعه حتى حصل على الوسيلة التي ستمكنه ان يرقد براحة وهدوء في سريره الوثير بروما!

علام هذا الصمت. . .؟ ما باله لا يتكلم والشمس توارت، والليل جن؟

أشعل الضوء في غرفة المجهولة الحسناء، فلم يعد في الإمكان تمييز وجهها الجذاب وعينيها الدعجاوين وغدا شبحها يتراءى أغبر قاتما وهذا الشبح لم يك أقل جمالا من وجهها وعينيها فهذا رأسها قد اتكأ على ساعديها بهيئة جميلة.

تهيأ كل شيء وأشعلت الفنارات!. . . فوا أسفاه على الزمن الماضي زمن الفنارات التي تضاء بالاسبتلين! ذلك الزمن الذي كان يضيع الإنسان فيه وقتاً طويلا ليجد ما يلزمه من ماء وكارببر! فلا يحصل على ما يريد إلا بعد الغضب والصخب. . ولكن المرء إذا كان عاشقا ولا سيما إذا كان يرغب عن السفر فان الفنارات القديمة تستطيع أن تؤدي له خدمات عظيمة.

وداعا أيها الحلم المعسول!

<<  <  ج:
ص:  >  >>