للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذت السيارة تجأر وأخذت تعدو وأخذت تبتعد وما زالت تجأر وتعدو وتبتعد حتى اختفت عند النقطة التي يلتوي فيها الطريق.

ترى هل يعود إلى (بونتاسياف)؟

فابتسم (سيريني). . . لن يعدم سبباً للعودة. . .

(٣)

لم يعد في الحال، ولكنه عاد!!!

كان للشاعر في أحد أدراج مكتبه بروما رواية لم يتم منها إلا بضعة مشاهد. وهو مؤلف نشيط خصب الإنتاج سريع العمل إلى حد يفوق التصور. ولا شك ان هذه الصفات تبلغ حدها الأسمى إذا كان الحب يلهب منه الدماء ويسعر في قلبه الضرام. . .

وكان إذا اخذوا عليه حبه، لا يتردد في الإجابة: (يخفف المغرمون عن أنفسهم بالتنهد، أما أنا فبالكتابة!. . أحصوا أحصوا رواياتي تجدوا كل رواية بامرأة. . .)

ولما لم يكن للرواية الأخيرة امرأة. فإن تقدمها كان بطيئا جداً. . . أما الآن وقد غدا وجه تلك الريفية الحسناء لا يفارق مخيلته فإن الشاعر اكتشف الينبوع الذي يستمد منه وحيه وإلهامه، وفي وقت أقل من القليل، أتم الرواية، ونقلها وقرأها لأصدقائه المخلصين. وراحت الصحف، تعلن عنها بحروف بارزة، أنها اعظم حادث مسرحي، لذلك الموسم.

وما كاد يذاع هذا النبأ الخطير، حتى هرع إلى (سيريني) عدد كبير من رؤساء فرق التمثيل، وعرضوا عليه مسارح روما، وميلانو وتوران ونابل لتقوم أشهر الفرق بتمثيلها للمرة الأولى. وكان بين المتسابقين ممثل فرنسي شهير، حاول ان يحتكر تمثيل هذه الرواية الرائعة لفرقته، ولم يطلب لذلك أكثر من المدة التي تكفي للترجمة، وقد بذل جهوداً عظيمة لينيل باريس شرف تمثيلها لأول مرة، ولكنه لم يفلح.

وتقدم رؤساء آخرون يعرضون مسارح برلين وفينا ولندن لأن (سيريني) كانت له شهرة اوربية لا تقف عند حد، وقد سرت عدوى هذه الحميا إلى إحدى صاحبات العروش، فأسرعت إلى عرض مسرح البلاط الملكي!

أما الشاعر فقد كان يلازم الصمت، ولا يجيب بحرف، وكل ما فعله أنه أوعز إلى سكرتيره الخاص بتسجيل أسماء المدن التي تعرض عليه. وتجمع عليه أصدقاؤه وألحفوا عليه في

<<  <  ج:
ص:  >  >>