الوزير: (في قوة) أصدقك القول أني سأشرب. وقد أزمعت أن أصير مجنواً مثل بقية الناس: إني أضيق ذرعاً بهذا العقل بينهم
الملك: تطفئ من رأسك نور العقل بيدك!
الوزير: نور العقل! ما قيمة نور العقل في وسط مملكة من المجانين؟ ثق أنا لو أصررنا على ما نحن فيه لا نأمن أن يثب علينا هؤلاء القوم. إني لأرى في عيونهم فتنة تضطرم، وأرى أنهم لن يلبثوا حتى يصيحوا في الطرقات (الملك والزير) قد جنا. فلنخلع المجنونين)
الملك: ولكن لسنا بمجنونين
الوزير: كيف نعلم؟
الملك: ويحك. . . أتقول حقاً؟
الوزير: إنك قد قلتها الساعة يا مولاي: إن المجنون لا يشعر أنه مجنون
الملك: (صائحاً) ولكني عاقل وهؤلاء الناس مجانين!
الوزير: هم أيضاً يزعمون هذا الزعم
الملك: وأنت ألا تعتقد في صحة عقلي؟
الوزير: عقيدتي فيك وحدها ما نفعها؟ إن شهادة مجنون لمجنون لا تغنى شيئاً
الملك: ولكنك تعرف أني لم أشرب قط من ماء النهر
الوزير: أعرف
الملك: وأن الناس كلهم قد شربوا منه
الوزير: أعرف
الملك: وإني قد سلمت من الجنون لأني لم أشرب وأصيب الناس لأنهم شربوا
الوزير: هم يقولون إنهم إنما سلموا من الجنون لأنهم شربوا وأن الملك إنما جن لأنه لم يشرب
الملك: عجباً! إنها لصفاقة وجه
الوزير: هذا قولهم وهم المصدقون. أما أنت فلن تجد واحداً يصدقك
الملك: أهكذا يستطيعون أيضاً أن يجترئوا على الحق؟
الوزير: الحق؟ (يخفي ضحكه)