(المجنون) للمرحوم جبران خليل جبران فعثرت فيه على قصة قصيرة تحت عنوان (الملك الحكيم) وقبل أن أقول عنها شيئاً أورد نصها فيما يلي:
(كان في إحدى المدن النائية ملك جبار حكيم، وكان مخوفا لجبروته محبوباً لحكمته - وكان في وسط تلك المدينة بئر ماء نقي عذب يشرب منه جميع سكان المدينة من الملك وأعوانه فما دون، لأنه لم يكن في المدينة سواه. وفيما الناس نيام في إحدى الليالي جاءت ساحرة إلى المدينة خلسة، وألقت في البئر سبع نقط من سائل غريب، وقالت: (كل من يشرب من هذا الماء فيما بعد يصير مجنوناً)
وفي الصباح التالي شرب كل سكان المدينة ماء البئر وجنوا على نحو ما قالت الساحرة، ولكن الملك والوزير لم يشربا من ذلك الماء
وعندما بلغ الخبر آذان المدينة طاف سكانها من حي الى حي، ومن زقاق الى زقاق، وهم يتسارّون قائلين (قد جن ملكنا ووزيره. . إن ملكنا ووزيره أضاعا رشدهما. إننا نأبى أن يملك عليك مليك مجنون. هيا بنا نخلعه من عرشه!)
وفي ذلك المساء سمع الملك بما جرى، فأمر على الفور بأن يملأ حق ذهبي (كان قد ورثه عن أجداده) من مياه البئر. فملأوه في الحال وأحضروه إليه. فأخذ الملك بيده وأداره إلى فمه.
وبعد أن ارتوى من مائه دفعه إلى وزيره فأتي الوزير على ثمالته
فعرف سكان المدينة بذلك وفرحوا فرحاً عظيماً جداً، لأن ملكهم ووزيره ثابا إلى رشدهما)
فما رأي القارئ اللبيب في هذا. . . . . .؟ وما رأي الأستاذ الفاضل فيما كتب. . .؟ أليس هناك تشابه تام بين القصتين في الفكرة والمعنى والأشخاص بل وفي بعض الألفاظ. . . . . . . . . .؟
إني مع احترامي الشديد وتقديري العظيم للكاتب الفنان، أرى في ذلك أحد أمرين: إما أن تكون الفكرة مأخوذة مما كتبه المرحوم جبران خليل جبران، وليس في هذا حرج، ولكن كان الأجدر بالكاتب في هذه الحالة أن يذكر اسم المؤلف الذي اخذ عنه تلك الفكرة، وله بعد ذلك الفضل في تقربها إلى الأذهان بصوغها في قالبه الخاص الرائع، وفي تحويرها من حكاية قصصية إلى قصة تمثيلية