واستقروا على أن يستشيروا الكهنة والكهنة فان عجزوا عن هديهم اعتصموا بعجزهم عن لوموبعثوا إلى الكهنة رسولاً منهم
وعاد الرسول يتلو عليهم قول الكهنة (يا للمحنة ويا للشقاء! ريح نكباء، وكرب وبلاء، وحرب ضروس، وسيوف تطيح بالرءوس، والقوم أحرص على الموت من حرص الموت على النفوس. قتل كليب ولابد مما كان، والرأي عند الفوارس لا عند الكهان)
- (أفهمتم من قولهم شيئاُ يا قوم؟)
- (أنهم يأمرون بالقتال!)
- (أنهم لا يأمرون بالقتال!)
ومضى القوم في صخب ولجب، وقاموا إلى المهلهل بن ربيعة أخي كليب يعجمون عوده، ويغمزون قناته. فإذا هو في فريق من أهله منهم عتاب بن سعيد بن زهير، وكعب بن زهير. والقوم بين ثائر يدعو إلى القتال وينفخ في ناره، وعاقل يجنح إلى السلام ويدعو الى داره، وفيهم من دسه بنو بكر، ليتنسم الأخبار، ويكشف عن النوايا الستار
وقام المهلهل على شرف واتكأ على رمحه وقال:
كليب لا خير في الدنيا ومن فيها ... إن أنت خليتها فيمن يخليها
كليب أي فتى عز ومكرمة ... تحت السفاسف إذ يعلوك ساقيها
نعى النعاة كليباً لي فقلت لهم ... مالت بنا الأرض أو زالت رواسيها
الحزم والعزم كانا من صنيعته ... ما كل آلائه يا قوم أحصيها
القائد الخيل تردى في أعنتها ... زهواً إذا الخيل لجت في تعاديها
من خيل تغلب ما تلقى أسنتها ... إلا وقد خضبوها من أعاديها
نروي الرماح بأيدينا فنوردها ... بيضاً ونصدرها حمراً أعاليها
ليت السماء على من تحتها وقعت ... وانشقت الأرض فانجابت بمن فيها
وكأن المهلهل لم يغب عنه أن في الجمع الذي انتظم عنده أفراداً من بكر يتجسسون، فقذفهم بقوله:
لا أصلح الله منا من يصالحكم ... ما لاحت الشمس في أعلى مجاريها
فألقموا حجراُ وقاموا إلى أهلهم يتميزون. وبقي التغلبيون، فقال لهم المهلهل: (يا قوم! أما