للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يمكن تسويقه بالتحكيم؛ فانه إذا لم يمكن تسويقه بطريق المفاوضات السياسية، فانه يطرح برمته إلى التحكيم الاختلاف على تفسير معاهدة، أو على أي نقطة تتعلق بالقانون الدولي. . . . الخ)؛ ولكن الذي نعرفه من موقف إيران أمام العصبة هو أنها تأبى قبول التحكيم أو بعبارة أخرى الاختصام إلى محكمة العدل الدولية، بحجة أن دستورها الأساسي لا يسمح بذلك، وأنها تصر على بطلان المعاهدة المعقودة، فالمسألة بالنسبة إليها ليست خلافاً على تفسيرها، ولكنها لا تأبى المثول لدى مجلس العصبة، لي يبحث المجلس هذا الخلاف ويحاول أن يضع حداً له؛ ومتى أتمت العصبة بحث الخلاف، فان إيران تقوم عندئذ بمفاوضات مباشرة مع العراق لتسوية النزاع وحسمه بصورة عملية

ومع أنا نرجو أن توفق الدولتان إلى حسم هذا الخلاف الخطير سواء على يد مجلس العصبة، أو بطريق المفاوضات المباشرة، فانا لسنا نعلق كبير أمل على مجهود العصبة في هذا الشأن؛ بل يلوح لنا أن تدخل العصبة لم يكن مرغوباً فيه، لأن سوابق العصبة في نظرها وبحثها للمسائل لشرقية لا تشجع على حسن الظن بها خصوصاً إذا كان الامر ما يتصل بنفوذ إحدى الدول الكبرى، وقد أبدت عصبة الأمم أنها في بحث المسائل الشرقية تتأثر دائماً بما يحيط بها من مطامع ومصالح غريبة، وأقرب شاهد على ذلك، مسألة اعتداء إيطاليا على الحبشة وإغارتها على أراضيها بنية ظاهرة في الغزو والاستعمار؛ ومع ذلك فقد أبدت عصبة الأمم حين أرادت أن تلتجئ الحبشة إليها فتوراً ورغبة ظاهرة في التنحي عن بحث هذا النزاع، لأن إيطاليا لم ترغب في بحثه على يد عصبة الأمم. ولن يتغير اعتقادنا في العصبة بالنسبة لموقفها من النزاع الايراني العراقي، بغض النظر عن ظروفه الخاصة، فاعتقادنا دائماً أنها لا تستطيع معالجة هذه المسائل بروح من النزاهة والاستقلال

نرجو إذن أن يحسم الخلاف بين الدولتين الشقيقتين بالحسنى والاتفاق المباشر، خصوصاً وأن انكلترا من جهة أخرى تعلق أهمية خاصة على سلامة هذه البقعة من الأراضي العراقية. ذلك أن البصرة استثنيت من نصوص المعاهدة العراقية الانكليزية فيما يتعلق بالجلاء وبها قاعدة جوية عسكرية بريطانية هي إحدى قواعد الطريق الامبراطوري، وإيران من جانبها تتوجس من السياسة البريطانية في شبه جزيرة العرب، وتخشى أن يكون لها بما تنشئه من المطارات الحربية فيما وراء الفرات (تنفيذاً للمعاهدة العراقية

<<  <  ج:
ص:  >  >>