سائحاً في البلاد لا يقيم بشيء منها ولا يوطنه، ومن ذهب إلى هذا جعله فعيلاً في معنى فاعل مثل قدير ورحيم؛ ويرى قوم أن الدجال سمي مسيحاً لأنه ممسوح إحدى العينن. وهذا وإن كان وجهاً فالاشتقاق الأول أعجب، لأن تسميتهم إياه الدجال تشهد له، والدجالة هي الرفقة في السفر والقافلة، قال خداش بن زهير:
فان يك ركب الحضرمي غرامة ... فن كِلا ركبيكُم أنا غارم
سأغرم من قد نالت الحجر منهم ... ودجالة الشام التي نال حاتم
يعني قافلة أصابها حاتم الخ. .
وكقولهم فيمن غسل يديه بأشنان، إنه اليأس من الشيء يطلبه، لقول الناس لمن يئسوا منه: قد غسلت يدي منك بأشنان، قال الشاعر:
فاغسل يديك باشنان وأنقهما=غسل الجنابة من معروف عثمان
وكقولهم في الكبش الخ. . .
وأما التأويل بالضد والمقلوب فكقولهم في البكاء إنه فرح ما لم يكن معه رنة ولا صوت، وفي الفرح والضحك إنه حزن الخ. . .
وأما تعبير الرؤيا بالزيادة والنقص فكقولهم الخ. . .
وقد تتغير الرؤيا عن أصلها باختلاف هيئات الناس وصناعاتهم واقدارهم وأديانهم، فتكون لواحد رحمة، وعلى الآخر عذاباً الخ. . حدثنا محمد الخ. . . قال: آخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي بكر، فرأى سلمان لأبي بكر رؤيا فجانبه وأعرض عنه، فقال له أبو بكر: أي أخي! مالك قد أعرضت عني وجانبتني؟ قال: رأيت كأن يدي جمعتا إلى عنقك، فقال أبو بكر: الله أكبر! جمعت يداي عن الشر إلى يوم القيامة
حدثني محمد عن. . . عن. . . . عن عطاء، قال: كان محمد ابن سيرين يقول في الرجل يرى له أنه يخطب على منبر: إن كان ممن ينبغي له السلطان اصاب سلطاناً. وإلا فانه يصلب. شبه الجذع بالمنبر. وقال الرشيد ليزيد: ما أثر الخلفاء في ربيعة! قال: نعم، ولكن منابرهم الجذوع الخ. . .
ومن عجب الرؤيا أن الرجل يكون مفحماً لا يقدر على أن يقول بيت شعر، أو بكيا يتعذر عليه القليل منه إلا في المدة الطويلة، مع إعمال الفكر، وإنعام الروية، فينشد في المنام