تنثر على الأرض ضوء القمر، كما تتناثر في خيالنا ذكرى الماضي المجيد من هذه البلدة الخالدة، التي نشأت من علماء الإسلام الأعلام أمثال أبي الفرج الأصفهاني وداود بن علي صاحب المذهب الظاهري، وأبي نعيم صاحب الحلية، وحمزة المؤرخ
وكنا نسمع في الحين بعد الحين جلجلة الأجراس في أعناق الابل أو الثيران السائرة في المدينة. وهذا صوت مطرب في جوف الليل، ولكنه يذهب بالنوم. وغدونا إلى دار الحكومة فقابلنا حاكم أصفهان وهو أحد الوزراء السابقين، ورجال الصحافة القدماء، وكان له جريدة تسمى صور أسرا فيل فغلب اسمها عليه فهو اليوم يسمى قاسم صور اسرافيل، ويتسمى هو بهذا الاسم ويكتبه على بطاقته، وكذلك جاء إلى دار الحكومة نفر من الألمان، منهم الدكتور شميت الصحافي الذي ينشر جريدة في أنقرة الآن، وكان مندوباً إلى مؤتمر الفردوسي ولكنه تأخر
خرجنا لرؤية آثار اصفهان الرائعة. وإني أشفق على القارئ أن أصف المساجد والقصور التي رأيناها وصفاً مفصلاً، فمن شاء أن يرى صور هذه الآثار فليذهب إلى الجمعية الجغرافية ليرى قاعة المحاضرات مزدانة بصور كثيرة من الآثار الفارسية، أعظمها وأجملها آثار اصفهان
في المدينة ميدان كبير قال لنا مهندس ألماني إنه أكبر من ميدان الكنوكورد في باريس ومن كل ميدان في مدينة
وان هذا الميدان للعب الكرة والصولجان على ظهور الخيل (الجوكان)، ولا تزال فيه العمد الخشبية التي تُعلم غاية الملعب. وفي وسطه حوض كبير تنبجس منه نافورات قوية؛ وهي من ثار الصفويين، وقد أصلحت أخيراً
ويحيط بالميدان آثار الصفويين: مسجد الشاه ومسجد الشاه لطف الله والباب العالي والسوق
مسجد الشاه من أجمل مساجد المسلمين، بل من أعظم آثار العالم قاطبة، بناء ضخم وهندسة محكمة، وصنعة الكاشاني والكتابة والنقش لم تدع مزيداً لصانع أو ناظر. ولا يرى مقدار شبر في جدر المسجد أو إيواناته أو قبابه خالياً من هذه الصنعة، فقد أفرغ الجمال على هذا المسجد كتابة ونقشاً وتلويناً
وفوق إيوان القبلة قبة شاهقة تعلوها قبة أخرى، وبينهما ستة عشر متراً، فاذا توقف