(روبرت هوك) يحمل إلى المجتمع مكرسكوبه والنقيع، وفي خطاه سرعة، وفي قلبه لهفة، لأنه وجد أن (أنطوان لوفن هوك) لم يَكْذب، فها هي تسبح وتلعب، تلك الحيوانات التي حدث عنها (لوفن). قام الأعضاء عن مقاعدهم وتزاحموا حول المكرسكوب، وحملقوا فيها، ثم صاحوا: لا يكشف عن مثل هذا إلا رجل من عبقر. وكان هذا يوم فخار كبير (للوفن هوك). ولم يمض غير قليل حتى انتخبت الجمعية هذا القمّاش عضوا بها. وبعثت إليه براءة العضوية في إطار من الفضة وعلى غلافها شارة الجمعية
فأجابهم (لوفن) يشكرهم ويقول: (. . . . . وسأخدمكم بإخلاص إلى الرمق الأخير من حياتي). وهكذا فعل. فانه أخذ يكتب إليهم تلك الكتب التي خلط فيها بين العلم ولغو الحديث حتى مات وسنه تسعون عاماً. وعلى كثرة ما بعث لهم من الكتب لم يبعث إليهم بعدسة واحدة. كل شيء إلا هذه ما دق قلبه بالحياة. وفعلت الجمعية كل ما استطاعت في سبيل ذلك دون جدوى، وأنفذت الدكتور مولينو إليه ليكتب تقريراً عنه فعرض عليه مولينو ثمناً طيباً مغرياً لأحد مكرسكوباته فأبى. (يا رجل! لديك مئات المكرسكوبات قد ترصصت في القمطرات بحوائط مكتبك، أفلا تستغني ولو عن واحدة فقط؟). ولكن هيهات. (هل أستطيع أن أرى السيد رسول الجمعية الملكية شيئاً آخر؟ هذا محار في زجاجة لم يولد بعد. وهذا حيوان غطاس سريع رشيق). ويرفع الهولاندي عدساته إلى عين الإنجليزي ليرى بها، وهو يلحظه بركن عينه خشية أن يمس جهازاً أو ينشل شيئاً، وهو الرسول الأمين الذي لا يشك أحد في ذمته أو يرتاب في أمنته. (مولاي رسول الجمعية!. كم أتمنى لو كان في استطاعتي أن أريك عدسة بعينها هي أحسن عدساتي، وأن أريك كيف تنظر فها، ولكني اختصصت بها نفسي فلا أطلع عليها أحداً حتى ولا أهل بيتي)