إلى الفندق فلم نجد السائق، وذهبنا نفتش عنه في الخانات حتى عثنا علياً مًكباً هو وبعض الصناع على إصلاح السيارة. ولم نستطع مغادرة كرمانشاهان إلا وقت الظهر. فأيقنا أن سفرنا غداً إلى دمشق عسير أو محال. وجد بنا السير زهاء ساعتين فبلغنا شاه آباد، وقد ذكرتها من قبل، فنزلنا في فندق صغير فاسترحنا وطعمنا، ونشط أصحاب الفندق من الأرمن في خدمتنا فاستأنفنا السير بعد ساعة ومررنا بكرند وكده باطاق، وسربل ذهاب حتى بلغنا قصر شيرين والساعة خمس فتوقفنا هناك عشر دقائق. ثم تركناها نؤم حدود العراق
دخلنا حدود العراق والساعة ست، وقد غربت الشمس فلقينا الموظفون مرحبين ويسروا لنا السفر العاجل فسرنا إلى خانقين فعرجنا على دار السيد عبد القادر صالح معاون الجمارك لنسلم ونشكر له ضيافته حين مررنا بخانقين المرة الأولى
توجهنا إلى بغداد والساعة سبع من المساء، وأمامنا صحراء مشتبهة الأعلام، طامسة المناهج، ولكن مهارة السائق، وعلامات الطريق يسرت لنا بلوغ بعقوبة والساعة تسع، حين بلغ منا التعب مبلغه. وقفنا على منتدى في الطريق، ونزلنا فإذا صورة أم لثوم في صدر المكان. ولما عرف صاحب المنتدى أننا مصريون أسرع فأسمعنا غناءها. فشعرنا ونحن في العراق أن مصر قريب
ثم سرنا من بعقوبة فأدركنا شاب ينادي أن الطريق غير بينة فاحملوني لأدلكم. قلنا لا حاجة إليك. وأدركنا فارسان من العسس فقالا أمامكم صحراء لا تهتدون فيها إلى طريقكم. فخير لكم أن تبيتوا هنا، وهنا فندق نظيف. وإن شئتم فكلموا رئيس الشرطة ليرسل معكم دليلاً. وهذا الشاب إن حملتموه معكم لا يستطيع أن يهديكم الطريق. فأقسم الشاب أنه بها جد خبير، وأنه هدى من قبل كثيراً من المسافرين. فارتكبنا أهون الشرين وحملنا هذا الدليل معنا. ولم يكن له مكان في السيارة فركب على الرفرف
وسرنا فإذا الطريق واسعة لا حبة لا تحتاج إلى دليل. قلنا للدليل أكذلك طريقنا إلى بغداد؟ قال لا. فسرنا لا نستهديه ولا نبالي، إلا سؤالاً في الحين بعد الحين (هل نمت؟) فيقول لا، فنقول احذر أن تنام أو تقع فنضل في هذه الصحراء. فنعم الدليل أنت. لولا أن من الله بك علينا لهلكنا. ولسنا ننكر على دليلنا أنه كان حديثاً ممتعاً في الصحراء سميناه الدليل النائم،