الذي كان زعيم الطريقة التي تعني بالصناعة والبديع. غير أنه لا ينبغي أن نظن أن استخدامه البديع أضاع من جمال الشعر أو حط من قيمته، فشاعرنا لبق يجيد استخدام البديع من غير أن يؤثر في جمال الشعر وروعته. هذا ولشاعرنا بعض موشحات ليست بقوية ولا رائعة، وهي أضعف من شعره العادي، وأحدها ينطق بدون إعراب، ولعل محاولته في الموشحات لم تنجح فانصرف عنها ولم يكثر من الموشحات، كما أنه خرج على أوزان الشعر العربي القديم قليلاً حينما كان يقول شعراً من الدوبيت، وهو وزن لم يستعمله العرب القدماء وغنما اخترعه المولدون
- ٧ -
فاتني أن أذكر لك اسم شاعرنا، وأنه أبو الحسن علي بن الحسن بن يوسف بن يحيى، ويلقب بكمال الدين، ويكنى بابن النبيه، وفاتني أن أقول لك: إنه كان حاضر البديهة حسن التعليل، ويذكرون من ذلك أنه رأى الأشرف يوماً يرتعش بالحمى، فنظم على البديهة وأنشده:
تباً لَحماك التي ... كست فؤادي ولها!
هل سألتك حاجة ... فأنت تهتز لها؟
ومرة انكسر يراع الأشرف وهو يكتب فالتمس غيره فلم يجد فقاله له: أقلامك يا كمال قليلة، فنظم ارتجالاً قوله:
قال الملك الأشرف قولاً رشداً=أقلامك يا كمال قلت عددا
ناديت لطول كتب ما تطلقه ... تحفى وتقط فهي تفنى أبدا
ومرة غُنى بين يدي الملك العزيز دوبيت بالعجمية معناه أنه جعل الليل برد دارا للحبيب ليحجب الشمس، فاستحسن المعنى وأرسل إلى وزيره أن يأمر الشعراء بالعمل في ذلك، فأنشد كل منهم ما ورد عليه، ودخل ابن النبيه على الوزير، فطلب منه أن يعمل في ذلك، فاستمهله فأبى فقال:
قلت لليل إذ حباني حبيباً ... وغناء يسبي النهى وعقارا