للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- رحمك الله - لئن كانت ساعةٌ من حياتهم هي جهنمكم أنتم، فكيف تكون جهنم هؤلاء المساكين؟

إنك رأيتني دخاناً لأني كذلك انبعثُ في القلب الإنساني فمتى تحركتُ فيه حركة الشر كنت كالاحتيال لإضرام النار بالنفخ عليها. فمن ثم أكون دخاناً، فإذا غَفَل عني صاحبُ القلب تضرمتُ في قلبه ناراً تطلب ما يطفئها؛ ثم يُواقِع الإثم والمعصية نَهْمَته فأبَردُ عن قلبه، فيكون في قلبه مثل الحرق الذي بَردَ فتأكل موضعه فتقيح، ثم يختلط قيحُ أعماله بمادته الترابية الأرضية، فينقلب هذا المسكين حمأة إنسانية لا تزال تربو وتنتفخ كما رأيت

قلت: أعوذ بالله منك! أفلا تعرف شيئاً يردك عن القلب وأنت دخانٌ بَعْد؟

فقهقه اللعين وقال: ما أشد غفلتك يا أبا الحسن، إذ تسأل الشيطان أن يخترع التوبة! أما لو أن شيئاً يخترع التوبة في الأرض لاخترعها القبرُ الذي يدفن فه بعضُكم بعضا كل طرفة عين من الزمن فتُنزلون فيه الميتَ المسكين قد انقطع من كل شيء، وتتركونه لآثامه، وحساب آثامه، والهلاك الأبدي في آثامه؛ ثم تعودون أنتم لاقتراف هذه الآثام بعينها!

قلت: عليك وعليك أيها اللعين؛ ولكن ألا يتبدد هذا الدخان إذا ضربته الريح أو انطفأ ما تحته؟

قال: أوه! لقد أوجعتني كأنما ضربتني بجبل من نار، إن نبيكم عَرفها، ولكنكم أغبياء، تأخذون كلامَ نبيكم كأنما هو كلاٌم لا عًمل، وكأنه كلام إنسان في وقته لا كلامٌ النبوة للدهر كله وللحياة كلها. ولهذا غلبتُ أنا الأنبياء على الناس، فإني أضع المعاني التي تعمل، لا الحكمة المتروكة لمن يعمل بها ومن لا يعمل

أتدري يا أبا الحسن، لماذا أعجزني أسلافكم الأولون مثل: عُمر وأبي بكر؟ حتى كان إسلامهم من أكبر مصائبي، فتركوني زمناً - وأنا الشيطان - أرتابُ في أني أنا الشيطان. . . . . .؟

قلت: لماذا؟

قال: أراك الآن لم تَلعن، فلستُ قائلها إلا إذا تَرحمتَ علي

قلت: عليك وعليك من لًعنات الله! قل لماذا؟

قال: أسائلُ ويأمر؟ وطَفَيْلي ويَقْترح؟ لا بد أن تترحم!

<<  <  ج:
ص:  >  >>