للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال يعقوب بن داود وزير المهدي: قال لي أمير المؤمنين لما قدم الليث بن سعد بغداد: إلزم هذا الشيخ، فقد ثبت عند أمير المؤمنين أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه

وقال لؤلؤ خادم الرشيد: جرى بين هرون الرشيد وبين بنت عمه زبيدة بنت جعفر كلام، فقال هرون: أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة. ثم ندم فجمع الفقهاء فاختلفوا. ثم كتب إلى البلدان، فاستحضر علماءها إليه، فلما اجتمعوا جلس لهم فسألهم فاختلفوا، وبقي شيخ لم يتكلم، وكان في آخر المجلس وهو الليث بن سعد. فسأله فقال: إذا أخلى أمير المؤمنين مجلسه كلمته، فصرفهم. فقال: يدنيني أمير المؤمنين. فأدناه. فقال: أتكلم على الأمان؟ قال: نعم. فأمر بإحضار مصحف، فأحضر، فقال: تصفحه يا أمير المؤمنين حتى تصل إلى سورة الرحمن فاقرأها، ففعل، فلما انتهى إلى قوله تعالى (وَلَمِنْ خافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنتانِ)

قال: أمسكْ يا أمير المؤمنين، قل: والله. . .

فاشتد ذلك على هرون. فقال: يا أمير المؤمنين الشرط أملك

فقال: والله (حتى فرغ اليمين). قال: قل، إني أخاف مقام ربي. فقال ذلك

فقال: يا أمير المؤمنين، فهما جنتان، وليست بجنة واحدة! (قال) فسمعنا التصفيق والفرح من وراء الستر، فقال الرشيد: أحسنت. وأمر له بالجوائز والخلع، أمر له بأقطاع الجيزة، ولا يتصرف أحد بمصر إلا بأمره، وصرفه مكرماً

قال الليث: وسألني هرون الرشيد: ما صلاح بلدكم؟ قلت: يا أمير المؤمنين صلاح بلدنا إجراء النيل وصلاح أميرها. وإنه من رأس العين يأتي الكدر فإذا صفا رأس العين صفت العين

قال: صدقت يا أبا الحارث

وقال السيوطي: كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر الليث، وكان إذا رابه من أحد شيء كاتب فيه فيعزله

قال ابن أبي مريم: كان إسماعيل بن اليسع الكندي من خير قضاتنا، غير أنه كان يذهب مذهب أبي حنيفة في إبطال الحبس فأبغضوه، فجاء الليث فجلس بين يديه، فرفع إسماعيل مجلسه، فقال: إنما جئت إليك مخاصما، قال: في ماذا؟

قال: في أحباس المسلمين، قد حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>