للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعثمان وعلي وطلحة والزبير فمن بقي بعد هؤلاء؟

وقام فكتب إلى المهدي، فورد الكتاب بعزله. فأتاه الليث فجلس إلى جنبه، وقال للقارئ: اقرأ كتاب أمير المؤمنين، فقال له إسماعيل: يا أبا الحارث، وما كنت تصنع بهذا؟ والله لو أمرتني بالخروج لخرجت؟

فقال له الليث: والله إنك لعفيف عن أموال الناس

وكان في كتاب الليث إلى المهدي: أنا لم ننكر عليه شيئاً غير أنه أحدث أحكاماً لا نعرفها

ولما أذن موسى بن عيسى للنصارى في بنيان الكنائس التي هدمها علي بن سليمان، بنيت كلها بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة

منزلته عند الناس

كان له أربعة مجالس يجلس فيها كل يوم، فيجلس ليأتيه السلطان في نوائبه وحوائجه. وكان الليث يغشاه السلطان، فإذا أنكر من القاضي أمراً أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل، ويجلس لأصحاب الحديث، وكان يقول نحو أصحاب الحوانيت فان قلوبهم متعلقة بأسواقهم، ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه، ويجلس لحوائج الناس فلا يسأله أحد من الناس حاجة فيرده، كبرت حاجته أم صغرت. . .

وقال منصور بن عمار: كان الليث إذا تكلم رجل في المسجد الجامع أخرجه، فلما دخلت مصر تكلمت في جامع، فإذا رجلان قد دخلا فأخذاني، فقالا: أجب أبا الحارث، فذهبن وأنا أقول: واسوأتاه أخرج من البلد هكذا. . .

فلما دخلت على الليث سلمت، فقال: أنت المتكلم في المسجد؟

قلت: نعم. قال: أعد علي ما قلت، فإعدته، فرق الشيخ وبكى، وقال: ما اسمك؟ قلت: منصور بن عمار. قال: أبو السري؟ قلت: نعم. فدفع إلى كيساً وقال: صُنْ هذا الكلام عن أبواب السلاطين، ولا تمدحن أحداً من المخلوقين، بعد مدحك لرب العالمين، ولك علي في كل سنة مثلها

وكتب إليه مالك في رسالة: (. . . وأنت في أمانتك وفضلك ومنزلتك وحاجة من قبلك إليه. . . الخ)

وقال له يحيى بن سعيد الأنصاري، وقد رآه يفعل شيئاً من المباحات: لا تفعل، فانك إمامُ

<<  <  ج:
ص:  >  >>