ويدعوها أن تقف ويناشد الناس أن يمنعوها، وهي كلما حاول أحد أن يصدها تتفلت منه، وتزعم له أن سيدها يهم بقتلها وتستحلفهم أن يردوه عنها. وتبعهما أطفال الحارة وأهل الفضول من الرجال والنساء، وأخيراً لحق بها الرجل، لأن الناس استوقفوها، فقبض على يدها وانتزع منها الرسائل وهو يلهث
وكان من السهل بعد ذلك أن يطلع زوجته على الرسائل، وأن يقنعها بان من يروم الانتحار لا يتبع الخادمة عينه
ونام صاحبنا في ليلته تلك نوماً عميقاً هادئاً لا حلم فيه، ولم يشعر بمعدته حتى ولا في الصباح، فتعجب وهو يتمطى ويتثاءب فما نام قط هذا النوم المريح في السنوات الأخيرة، وأقبل على الطعام فالتهم منه شيئاً غير قليل، ولم يكن يفطر قبل اليوم، وكان يدخن على ريق النفس، ويستغني بالقهوة عن الطعام، فقال لزوجته:
يظهر أن الجري نفعني أمس. . والغضب أيضاً! لقد حرك دمي في عروقي فزايلني الفتور، ونشطت. . . نعم إن حاجتي هي إلى ما ينشط جسمي، فليت لي كل يوم خادمة أقبلها فيسوء بي ظنك، فتثور نفسي!)
فضحكت الزوجة وقالت:(لقد كنت مجنوناً! وهل ينتحر إلا مجنون؟)
فقال:(نعم، ولكن الأطباء هم الذين أجنوني. والغريب أني لم أجد واحداً من بينهم يشير علي بالرياضة - ليس عندهم إلا وصفاتهم التي لا تنفع. . . أقول لك! سأطتب هذا إلى الصحف، وأفضح طب الأطباء)
ولكنه لم يكتب، لأنه شغل بالرياضة في ناد قريب من بيته، فتولينا نحن عنه ذلك، فهل بلغنا؟