إن كل ما هنا قد عاد إليَّ. ولكنك عديمة الفطنة يا مسز هاولز. إنك تفكرين دائماً في المال
آه! مثلك أنت. إنه يبدو عليك أنك فتاة غير طبيعية من كل الوجوه يا مارية، ألا تذرفين دمعة واحدة على أبيك المسكين؟ ها أنت جالسة ككتلة من الثلج، لا تعرفين الكلام إلا في كل ما لا يتفق مع الموقف الذي أنت الآن فيه!
وكان الجيران خارج الغرفة يتكلمون عن عدم تأثر الفتاة وجمود عينيها اللتين لم تعرف الدموع اليهما سبيلاً؛ ولكن مارية كانت جالسة في هدوء، مفعمة القلب بالاحتقار والعداوة للجميع، متمتعة في أعماق نفسها بأن تكون موضع أحاديث الناس، هانئة بذلك الدخل الذي سوف تناله عما قريب. وعندئذ شعرت أنها أصبحت مستقلة طليقة، وفي نفس تلك الليلة آوت إلى سريرها في فراشها الوثير باستسلام شهواني. وكأنما الموت الذي أقبل إلى المنزل قد فتح في أعماق نفسها منبعاً من السرور العجيب
وفي صباح اليوم التالي أرسلت مارية عمتها (آن) لتبحث عن المجنز، فحرجت آن وهي تتمتم بعبارات السخط والغضب، ولكنها كانت تتعزى كلما فكرت في أنها ستفوز بخمسة شلنات، لتشتري بها ثوباً أسود وقبعة. وكانت تقول لنفسها وهي تبكي:
وإن دفنه بيدي جون جونز سيقلقه في مقره الأخير. فعرباته القديمة فرشها حقير للغاية. إني أخجل منهم
وعاد المجنز معها واستصحبته إلى الدور الأعلى لكي يقيس جثة الميت، ثم نزل إلى الصالون حيث انتظر مارية
وجاءت مارية، فبادرها بقوله:
ما أكثر وقار وجهه يا مس مورجنز
فأجابته مارية في الحال بنظرة خبيثة قائلة:
إن وجهك أنت سيكون أكثر هدوءاً ووقاراً حين يتوفاك الله!
فسألها وهو يهز رأسه الصغير:
وكيف ذلك؟ لقد عشت حتى الآن عاقلاً رزيناً
فقالت بخبث وهي تبحث له عن كرسي:
لقد كنت في المدرسة صبياً ماجناً خداعاً، اجلس الآن ودعنا نتكلم في الموضوع