كان جون جونز شابا نشيطاً عصبياً أشبه بعصفور. ألقى جون جونز قبعته بجانبه، وفرك يديه ثم وضعها على ركبتيه النحيلتين كركبتي مراهق، وكان يحاول عبثاً أن يتظاهر بالبرود الحزين الذي يتناسب مع مهنته، فقد كان خفيف الحركة، ويبدو كأنما يثقله العمل الكثير، وكانت لحيته كأنها محلوقة منذ برهة وجيزة، كما أنه لم يكن ناجحاً في عمله كمنافسه
قال جون جونز، وقد بدا على وجهه نوع من الاهتمام:
أي نوع من التوابيت تفضلين؟
وعندما نظرت إليه مارية نظرة باسمة احمرت وجنتاه وتولاه الاضطراب. سألته قائلة:
كم الثمن الذي تريده؟
كانت مارية جالسة أمامه وجهاً لوجه تناقش الأثمان بمكر ودهاء عجيبين، وقد لمعت شفتيها الغليظتين، وبدا عليها التفكير والانتباه، مما جعله يعجب بها برغم سخطه. وبعد حساب طويل، قال:
إن كل شيء سوف لا يتكلف أكثر من عشرين جنيهاً، فهزت مارية رأسها قائلة:
إن توماس إيفانز يأخذ أقل من هذا
فقفز جون جونز من على كرسيه، وقد تملكه الغضب وقال:
إنك يهودية إلى آخر حد يا مارية مورجنز، إنه لا يليق أن تكوني شحيحة هكذا فيما يتعلق بالمآتم
فتوقفت مارية أيضاً، وقد احمرت وجنتاها من الغضب وصرخت:
إنك تريد أن تسرق الأيتام الفقراء، تريد أن تربح من فتاة لم يعد لها أب!
فضحك جون جونز ساخراً:
أيتام فقراء! إنني متأكد أن والدك قد ترك مالاً وفيراً، ولكن ابنته تريد أن يدفن كما يدفن رجل معدم
وفرقع أصابعه بعصبية، ونظرت مارية إليه طويلاً، وقد انخفض جفناها وعاد إليها خبثها من جديد، ثم قالت:
إنني أحب أن أراك غاضباً مهتاجاً، إنك بهذا تكون أكثر رجولة، ولكنك الآن أكثر غضباً