كان جون جونز يسائل نفسه: كيف يترك هذا الرجل الموقر وراءه مثل هذه الفتاة الوقحة ذات اللسان البذيء! على أنه تذكر تجارته التي كانت آخذة في التدهور، فقال بهدوء:
دعينا من هذا يا مس مرجنز، كوني أكثر عدلاً، سوف أنظم جنازة فخمة بتسعة عشرة جنيها ونصف جنيه
وطلبت مارية من عمتها أن تحضر الشاي لجون جونز، وأخرجت هي خير ما عندها من الحلوى والفاكهة وأعطته منها كمية كبيرة
وفي يوم الدفن كان المطر يسقط مدراراً، والسماء مكفهرة، والجو رديئاً. وكانت مارية حزينة لأنها أنفقت كثيراً من النقود في شراء فستان أسود جميل وقبعة، كانت تقول لنفسها بعصبية متنقلة بين الحوانيت:
سوف يعرفون أنه حتى مس مورجنز الفقيرة الملبس تستطيع أن تبرهن على أنها سليمة الذوق
على أن المطر ضايقها كثيراً، فقالت لعمتها (آن) وهي ساخطة في صباح يوم الدفن:
سأضطر للذهاب لشراء معطف للمطر وشمسية جديدة، إنني دائماً سيئة الحظ، فسوف يكون هذا النهار رديئاً
كان المطر يسقط والرياح تصفر بقوة شديدة بالقرب من المقبرة، وكانت مارية واقفة بجانب القبر متكئة بجسمها الضخم على ذراع ابن عمتها تفكر في شمسيتها الحريرية الجديدة وتنعم النظر في الزهور التي تداعبها الرياح، وتفكر بحسرة مريرة في شبابها المنطفئ. آه! ولكن كم من الأوقات الطويلة السعيدة ستتمتع بها حين ينتهي كل ذلك! لا، إنها سوف لا تبيع منزلها وتعيش بعيداً، فستكون مجهولة لا يعرفها أحد إذا ذهبت إلى مكان آخر، وسوف تشتري كمية من الفساتين وتنشر (الموضة) في الحي الذي تعيش فيه، وتدهش صديقاتها. وسرعان ما رأت نفسها تنزل إلى الدور الأرضي من الكنيسة في روعة يحسدها عليها الجميع. ولكن عندما أخذ الجميع يرتلون الترتيلة المحزنة الأخيرة فكرت من جديد في ألوان السعادة التي حرمت منها؛ وأخيراً بكت، فخفف بكاؤها كثيراً مما يثقل قلب عمتها (آن)