هذه الطامة الكبرى؛ فلا أدري كيف أكتب عنها: لقد تطاول المجنون إلى الألوهية فادعاها وصار يكتب عن نفسه: باسم الحاكم الرحمن.!
لو كان أغبى الأغبياء في موضعه لاتقى شيئاً، لا أقول تقوى الدين والضمير، ولكن تقوى النفاق السياسي؛ فكان يحمل الناس أن يقولوا عنه:(أبانا الذي في الأرضين. . .!)
وإلا فأي جهل وخبط وأي حمق وتهور، أن يكون إله على حمار، وإن كان اسم حماره القمر!
المجلد العاشر
سيأخذه الله بامرأة؛ ولكل شيء آفة من جنسه، لقد بلغ من وقاحة غريزته أن ائتفك على أخته الأميرة (ست الملك)، ورماها بالفاحشة وهي من أزكى النساء وأفضلهن، واتهمها بالأمير (سيف الدين بن الدواس) وقد علمت أنها تدبر قتله، وأنها اجتمعت لذلك بسيف الدين. فسأمسك عن الكتابة في هذا المجلد، وأدع سائره بياضاً حتى أذهب إليهما فأعينهما بما عندي من الرأي، ثم أعود لتدوين ما يقع من بعد. . .
ورأيت أني اجتمعت بهما واطمأنا إلي، فأخذنا ندير الرأي: قالت الأميرة لسيف الدين فيما قالته: (والرأي عندي أن تتبعه غلماناً يقتلونه إذا خرج في غد إلى جبل المقطم، فإنه ينفرد بنفسه هناك!)
فقلت أنا:(ليس هذا الرأي ولا بالتدبير)
قالت:(فما الرأي والتدبير عندك؟)
قلت:(إن لنا علماً يسمونه (علم النفس)، لم يقع لعلمائكم، وقد صح عندي من هذا العلم أن الرجل طائش الغريزة مجنونها، وأن الأشعة اللطيفة الساحرة التي تنبعث من جسم المرأة، هي التي تنفجر في مخه مرة بعد مرة؛ فإذا خبت هذه الأشعة، وبطلت الغريزة - بطلت دواعي أعماله الخبيثة كلها وكف عن محاولته أن يجعل الأمة مملوءة من غرائز جسمه وشهواته لا من فضائلها ودينها. فلو أخذتم برأيي وأمضيتموه فإنه سينكر أعماله إذا عرضها على نفسه الجديدة، وبهذا يصلح ما أفسد، وتكون حياته قد نطقت بكلمتها الصحيحة كما