للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منصوص في كتاب أحسن المساعي الذي أرجح كثيرا أن الكاتب قد رجع إليه، إذ ورد في ص ٥٢ - ٥٣ منه ما نصه (. . . وحدث عنه جماعات من سادات المسلمين، كمالك بن أنس، والثوري، والزهري، وهو من شيوخه، وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر فان الزهري من التابعين، وليس الأوزاعي من التابعين) ثم إن الكاتب صاحب المقال عن الأوزاعي يتعرض لقول جولدزيهر بتأثر الفقه الإسلامي بالفقه الروماني، ويرى أن الأوزاعي أحرى بأن يكون آخر المتأثرين؛ ص ٤٢٠ (رسالة)؛ ويحتاج لهذا الاستنباط (بأنه من أبعد الفقهاء عن الرأي، ومن أقربهم إلى اتباع الكتاب والسنة. . . والكتاب والسنة أبعد الأشياء عن التأثر بالفقه الروماني). ومع عدم تعصبي للقول بهذا التأثر، ومع القصد في بيانه، فإني أرى هذا الاستدلال على عدم تأثر الأوزاعي غير مقبول من الوجهة الاجتماعية والنفسية، فان متبع الكتاب والسنة لا بد له من أن يفهمهما، ويتبين مراميهما، وأغراضهما، وعللهما وحكمهما، ولكل شخص في هذا الفهم والتبين عقله الخاص، وشخصيته الخاصة، ومنهجه الخاص، وذلك كله من أشد ما يكون تأثراً بالثقافة والبيئة، فلا غرابة في أن يتأثر فهم الفاهم للكتاب والسنة المتبع لهما، تأثراً جلياً بعوامل تثقيفه، وظروف حياته، كما تأثر بذلك تفسير القرآن في كل الأزمنة، بل كما تأثر بذلك فهم العقائد وأصول الدين ذاتها تأثراً لا يسعنا إنكاره؛ ولا قيمة لحرصنا على هذا الإنكار، لأننا بذلك نقاوم سنن الله في خلقه

تلك مثل صغيرة لما تجب مراعاته في تفسير النصوص وفهمها والاستنباط منها، حتى نوفق لكتابة تاريخنا غير السياسي، بل السياسي كذلك كتابة علمية صحيحة، تنير ماضينا وتمد مستقبلنا بكل قوة وحقيقة

أمين الحولي

<<  <  ج:
ص:  >  >>