للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقمته، وأذاقها من الهوان ألواناً! فحزن برسيوس حزناً ممضاً، وهيج حتى خيف عليه، وذهب من فوره إلى قصر الملك بكل عتاده! ودخل إلى البهو الملكي بدون استئذان، وهو يضمر في القلب غصة، وفي النفس لوعة، وفي الكيس رأس مديوسا!!

وقال الملك حين لمح برسيوس: (هلا! برسيوس! لقد عدت أخيراً، وما أحسبك وفيت بما قطعت على نفسك من عهود! لعل شجاعتك التي بالغ الناس في إطرائها والثناء عليها قد واتتك في حربك مع الجرجون؟)

فأجاب برسيوس، دون أن يحيى بالتحية الملكية: (أيها الملك! لم تخاطبني هكذا ولا تتريث حتى تنظر إن كنت قد عدت إليك برأس مديوسا الرهيب؟)

(فقهقه الملك، وملأ التهكم شدقية، وقال: (طبعاً ستدعى أنك قتلت مديوسا ولكن رأسها وقع منك في البحر، فالتقمه الحوت؟. . . يا للشباب المخدوع؟!)

وثارت ثائرة برسيوس، ولم يجد إلى صبر من سبيل، فحسر عن رأس مديوسا وقال: (أيها الملك. . . انظر!)

وبهت الملك مكانه حين وقع بصره على عيني مديوسا؛ ثم تحول في لمحة إلى تمثال من الحجر ما يأتي بحركة؛ ولا ينبس ببنت شفة!!

وحدث عما شمل أهل الجزيرة من الفرح حين ترامت إليهم أخبار الملك؛ وما تم له مع برسيوس. لقد كانوا يؤثرون الموت على أن يحكمهم مثل هذا الظالم العاتي المستهتر، ولقد كانوا يودون له الهلك، حتى خلصهم برسيوس منه، فهرعوا إليه، وهتفوا في كل مكان باسمه، وحملوه على الأعناق إلى حيث الملك التمثال وهناك، صبوا لعناتهم على الطاغية، وانصرفوا، يهنئ بعضهم بعضاً، بعد ان اختار لهم برسيوس ملكا منهم. . . . فاضلاً، عادلاً. . . .

وقد عرضوا عليه الملك فأبى. . . لأن مملكته الكبيرة المكونة منه ومن أمه، ومن أندروميدا كانت آثر لديه من كل ملك عتيد!!

وتوجه إلى حيث لقي هرمز، عند الصخرة المشرفة على البحر، فوجده ينتظره، فتعانقا عناقاً يفيض محبة، ويقطر وداً، ثم رد إليه هدايا الآلهة بالحمد والثناء. . .

أما رأس مديوسا، فقد أهداها إلى منيرفا، ففرحت بها فرحاً شديداً، وهي إلى اليوم مركبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>