على جسمها! إنها أحلى وألطف من جدي اسميرالد الذي رأيناه يطوف به الشوارع بالأمس، أتذكره يا صديقي؟ إنها كانت هادئة، وديعة، سهلة الانقياد. . .
وكان سيغان يربط ما عزه في حضيرة محاطة بالعليق خلف منزله. فربط فيها العنزة الجديدة، وأطال لها الحبل لترعى ما جاورها من الأعشاب النضرة، واخذ يطل عليها من وقت إلى آخر ليتعرف حالها. ولشد ما كان سروره عظيما عندما رآها سعيدة، منكبة على مرعاها الخصيب. تأكل منه ما لذ لها وطاب. فقال سيغان في نفسه:
- الحمد لله! لقد وفقت أخيرا إلى عنزة لا تمل عشرتي.
ولكن السيد سيغان كان مخطئأً، فإن العنزة أدركها السأم والملل!
نظرت عنزة صاحبنا إلى الجبل ذات يوم، فقالت في نفسها:
- لا شك إن الحياة هنيئة حلوة في هذا الجبل ما أسعدني عندما أمرح بين أعشابه من غير هذا الحبل اللعين الذي يحز رقبتي!. . . لا بأس إذا رعى الحمير أو البقر في مثل هذا المكان الضيق!. . . أما نحن معشر المعزى فلنا الخلاء الفسيح.
ومنذ ذلك الحين أصبحت لا ترى لعشب الحضيرة طعماً. وأخذ الملل يستولي عليها. فهزلت، وشح حليبها، وأصبحت لا ترى طيلة النهار إلا ممددة على الأرض، شاخصة إلى الجبل وهي تثغى بصوتها المحزن.
ولاحظ المسيو سيغان أن العنزة أصابها شيء، ولكنه لم يعلم ما هو. . . . ففي ذات الصباح بينما كان يحلبها التفتت إليه وخاطبته بلهجتها القومية:
- أصغ إلي يا مسيو سيغان، أني أكاد أموت هنا، فدعني أذهب إلى الجبل.
فصاح مسيو سيغان فزعاً:
- آه! ربي!. .
وترك الوعاء من يده، ثم جلس إلى جنبها على العشب وقال:
- عجباً! وأنت أيضاً تريدين مفارقتي يا بلانكيت؟ فأجابته: