الأساطير القديمة، كأسطورة باندورا ويو. ثم هذا صولون العظيم يلحد بزيوس ويجدف فيه تجديفا يشبه السباب، فيقول في الجزء الأول (ص٣٢): (إن الله حقود حسود، وهو مشغوف أيما شغف بإرباك الناس وترويعهم!)
على أننا محاولون هنا أن نثبت المعتقدات الشائعة بين العامة، وهي الفئة الثانية، في هيلاس (اليونان) قبل القرن السادس (ق. م). تلك المعتقدات التي مهما قيل فيها، لم تخرج عن كونها ألوانا من الديانات البدائية الساذجة، التي تشبه كثيرا مما دانت به الأمم الجاهلية
ولقد دلت الأستقراءات التاريخية على أن قدماء اليونان كانوا قوما خابتين، يخشون الآلهة، ويرقبونها في كل أعمالهم، وكانت الظواهر الطبيعية توحي إليهم بأحلام لاهوتية لا يستطيعون الإفلات من ربقتها، فكانوا يقيمون الهياكل الضخمة باسم القوى التي يزخر بها الكون من رياح وشمس وقمر ونجوم وبحار. . . وكانوا يقيمون التماثيل الرائعة لآلهتهم في تلك الهياكل، ويوكلون بها كهنة يؤدون الشعائر الخاصة بكل منها، ويتقبلون القرابين والضحايا لتي يتقدم بها الشعب المتدين البريء في كثير من المناسبات
ومن الأغاني والتراتيل الدينية التي تركها لنا الشاعر الغنائي أرفيوس، نعلم أن عبادة ديونيزوس كانت ذات شان كبير بين الغالبة العظمى من قبائل الإغريق. وديونيزوس هو إله النماء والخضرة، وموسمه حين تنظر الحقول، وتكتسي سندس القمح، وتزدهر البساتين فتتفتح عن أفواف الورد، كان موسم الرخاء والمرح، وعيد الخير عند سائر اليونانيين؛ لذلك تواضع المؤرخون على تسمية هذا اللون من ألوان العبادات (بعبادة القمح)، ولما كان الثابت أن أحدا من الهيلانيين لم يعبد القمح بالذات فنرى أن هذه التسمية مجازية، وأن من الخير للتاريخ أن نعرفها باسمها الحقيقي، الذي هو (عبادة ديونيزوس). وقد نشأت هذه العبادة، أول ما نشأت، في (إليزيس) إحدى قرى (أتيكا)، حيث كانوا يعتقدون أن أم القمح (أي حبة القمح!) وابنها (أي ساق القمح!) يتفضلان على الناس كل شتاء، فيخرجان من بطن الأرض ليعم الرخاء وينتشر الخير. . .
وقد انتقلت عبادة باخوس، إله الخمر، من تراقيا إلى الجنوب، ثم ما برحت تنتشر وتستفيض، حتى تمازجت على مر الأيام بعبادة ديونيزوس. وصارت هذه (التثنية) ذات اعتبار كبير ولا سيما بين العامة. وصار هذا الإله المركب:(ديونيزوس - باخوس!) هو