ومن دراسة الأدب الإغريقي في الإسكندرية ورومة، نعلم أن ديونيزوس - باخوس كان ذا شهرة مستفيضة في المهاجر اليونانية
أرفيوس ومذهبه:(الأرفزم)
ويسوقنا البحث في ديانة الإغريق إلى الكلام عن أرفيوس الشاعر الديني، الذي تعتبر تراتيله في الشعر اليوناني كمزامير داود في العهد القديم، ولأرفيوس ضريب قديم يدعى موسيوس قد يكون أشعر منه، وأعلى في دولة الآداب كعبا، ولكن - للأسف - لم يصلنا من آثاره ما نستطيع به الكشف عن شخصيته، ولذا نشير إليه، دون أن نعرض له بشيء. وحسبنا أن نذكر أن مؤرخي الأدب اليوناني يختلفون أشد الاختلاف حول أشعار أرفيوس، وأكثرهم يرجح أن طائفة كبيرة من هذه الأشعار هي لموسيوس، ونرجو أن يوفق الكاشفون من رجال الآثار إلى شيء يلقي النور على هذه الناحية المعتمة من تاريخ الأدب اليوناني
ولقد كادت ملاحم هوميروس وهسيود تكسف هذه التراتيل الدينية وتغمرها، بل كادت تفقدها هذه القدسية التي يكنها العابد المتزمت لكل ماله علاقة بأربابه. وزاد الطين بلة، تلك الفلسفة الخبيثة التي حملها الايونيون معهم حين غزوا بلاد الإغريق. فهي قد جرأت الكثيرين على التشكيك في صحة معتقداتهم، وغلا البعض فركن إلى العقل والعلم في النظر إلى الحياة والكون، وما يزدحمان به من ظاهرات
بيد أنه حدث خلال القرن السادس قبل الميلاد، من الأحداث اليونانية داخل البلاد وخارجها، ما شجع الشعور الديني، وقوى الأواصر بين الشعب وآلهته، بعد إذ كادت تنحل وتتفكك على أيدي هؤلاء الملاحدة من شيعة الفلسفة الأيونييه. ذلك أن الحروب المستمرة التي مزقت أوصال البلاد، وسقوط مدينة الترف وبلهنية العيش (سيباريس) أغنى المدن الإغريقية على خليج تارنتوم الإيطالي، وإفلات مدينة نينوى من أيدي اليونانيين. . . كل ذلك حفز الشعور الديني، وابتعث المعتقدات القديمة في صدور الدهماء العامة، فذكروا آلهتهم، وخيل لهم أن ما حل بهم من ضنك، إنما سببه إعراضهم عنها، وانشغالهم بما هو أدنى!؟
ومن ثمة، عمرت الهياكل، وارتفعت فيها الأصوات بتراتيل أرفيوس، ولهج الشعب