(قلت ثمن نفسك العالمان. ارفع الثمن فأنك لا تزال رخيصا)
لم يكن خسرو نابغة في الشعر فقط، بل كان أيضا موسيقيا بارعا، فقد برع في الموسيقى إلى أن نال لقب (نايك) وهو لقب قل أن ناله أحد غيره فيما بعد من المسلمين. فقد نقل عنه المؤرخ دولت شاه في كتابه (تذكرة الشعراء) بيتين قال فيهما:
(أنا سيد الموسيقى كما أنا سيد الشعر. أنا كتبت ثلاثة مجلدات في الشعر
لو كان ممكنا تحويل جميع ما ألفته من الألحان الموسيقية إلى الكتابة لبلغ إلى ثلاثة مجلدات أيضا)
وحقا قال أمير خسرو ولأنه كان صاحب ذكاء حاد فوق المعتاد، يملك ملكة اختراعية في الشعر وفي الموسيقى فبلغ فيهما ما لم يبلغه أحد. واختراعاته وتأليفه في الألحان والنغمات لا تزال رائجة وشائعة بين الهنود إلى اليوم، وهو الذي اخترع (سيتار) الآلة الموسيقية التي تشبه تقريبا القيثارة العربية والتي لا تزال تهز الأفئدة بنغماتها الشجية في محافل الهند وأفراحها إلى اليوم طالبة الشهادة على كمال عبقرية مخترعها
قد ذكر صاحب (مانك سهال)(وهو كتاب في تاريخ الموسيقى صنفه في عهد الإمبراطور محي الدين أورنك زيب عالمكير وقد ترجم إلى الفارسية باسم (راكي دربن)) كثيرا من النغم والألحان التي اختراعها أمير خسرو، وذكر حكاية تدل على براعة خسرو في الموسيقى وهي أن السلطان علاء الدين خلجي دعا مرة (نايك جوبال) الموسيقي الوثني الشهير حينئذ للأطلاع على كماله في الفن، وكان له ألف وستمائة تلميذ إذا أراد الخروج من بيته حملوه على أكتافهم فلبى دعوة السلطان وأسمعه الألحان والنغمات ستة أيام متوالية، وكان خسرو يسمعها مختفيا. وفي اليوم السابع تصدى له خسرو وأدعى أن جميع الألحان والنغم التي سمعها السلطان هو مخترعها وأعادها واحدة واحدة بإتقان وإجادة أكثر من جوبال فتحير الرجل في كمال خسرو وبراعته في الفن
كانت براعة خسرو في الموسيقى أحرزت له شهرة واسعة لدى عامة الناس أيضا وعلى الأخص السيدات والأولاد منهم، إذا كانوا يحفظون نغماته وألحانه وأناشيده، ويغنونها في أفراحهم ومحافلهم ولم يكن يكتب نشيدا إلا كان يخترع له لحنا خاصا. وقد اخترع أصنافا كثيرة من الألحان والأناشيد التي لم يكن لها وجود قبله، وعلى الأخص باللغة الأردية أذكر