للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها (أنميل) (مكرني) و (دوخسنة) و (دهكوسلا) الخ وكلها شائعة بين العامة إلى اليوم

كان خسرو يرتجل الشعر والأناشيد بداهة. ومن حكايات ارتجاله أنه عطش مرة فذهب إلى بئر كان أربع سيدات يخرجن منه الماء فاستسقاهن. فعرفته واحدة منهن وقالت للأخريات: إن هذا خسرو: فسألته: هل أنت خسرو الذي يغني كل واحد أناشيده وألحانه ويسمع ألغازه وأنميله ومكرنيه؟ فأجاب نعم، فقال واحدة منهن: اعمل لنا نشيدا واستعمل فيه كلمة (كهير) (أي المهلبية) وقالت الثانية: استعمل فيه كلمة (شرخا) (أي المغزل) أيضا، وقالت الثالثة: كلمة (دهول) (أي الطبلة)، وقالت الرابعة: كلمة (كتا) (أي الكلب) أيضا فقال لهن: أعطينني الماء أولا فأني أموت عطشا، فقلن له: لا نعطيك الماء حتى تقول النشيد المشتمل على كلماتنا: فارتجله خسرو؛ وهذه ترجمته ولكن لم يبق فيها جماله الأصلي:

إن المهلبية طبخت بالاعتناء

واستعمل فيها خشب المغزل وقودا

ثم جاء الكلب وأكلها

وشغلكم ضرب الطبلة

وأنا عطشان، أعطينني الماء

كان الأمير خسرو صوفيا كبيرا ورعا صالحا تقيا. قال المؤرخ (ضياء الدين برني) وهو من أصدقائه في كتابه تاريخ فيروز شاهي: (إنه مع حصافته العقلية، وذكائه الشاذ، وعلمه الواسع كان صوفيا من الطبقة الأولى، فكان يصوم تقريبا كل يوم ويصرف أكثر أوقاته في تلاوة القرآن وفي إقامة النوافل والفرائض من الصلاة، وكان خليفة في الطريقة لسيدنا الشيخ الولي الصوفي مولانا (نظام الدين أولياء) قدس الله سره، وإني لم أر خليفة يعتقد اعتقادا قويا في شيخه مثله)

إن من أهم مبادئ الصوفية التحرز التام من جرح عواطف الناس، وقتل أمانيهم وبذل أقصى المجهود في قضاء حاجاتهم. وكان الشيخ نظام الدين قدس الله سره يقول: إنه لا عمل يساوي يوم القيامة إدخال السرور على قلوب الناس، وفي حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله. فكان خسرو من أكبر العاملين بهذا الحديث، لذلك كان محبوبا عند الجميع. وله في ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>