ربض الذئب الكبير ينظر إلى العنزة نظرة نهم، ويتأملها دون أن يعجل إلى افتراسها. ولما همت بالمضي في سبيلها أخذ يضحك ويسخر، ثم مد لسانه الأحمر الغليظ.
هنا أحست بلانكيت بخطر الموت. . وتذكرت حكاية العنزة رينود التي قاومت الذئب طيلة الليل عبثاً، فألقت عصا الطاعة وصممت على أن تتلقى الذئب صاغرة ليأكلها سريعا.
ولكنها في اللحظة الأخيرة رجعت عن رأيها هذا، ووقفت للدفاع عن نفسها، فأحنت رأسها وأشهرت قرنيها، لا لتقتل الذئب وهي تعرف أن المعزى لا تقدر عليه بل لتجرب إذا كانت أقوى بأسا من صديقتها رينود. . .
آه! يا صديقي ما كان أشجع هذه العنزة الصغيرة! أنها اضطرت الذئب أكثر من عشر مرات إلى أن يستريح فترة من الزمن كانت في خلالها تقضم العشب بسرعة لتعود إلى القتال مملوءة الفم. . .
وظلت الحال على هذا المنوال، الصراع مستمر يقطعه تقهقر وقتي من الذئب، والعنزة تنظر إلى النجوم الرجراجة وهي تأمل دوام القتال حتى مطلع الفجر، إلى أن أخذت النجوم تهوي واحدة بعد الأخرى. . وامتد في الأفق شعاع باهت. . وأرسل الديك صيحته من إحدى المزارع المجاورة. فقالت العنزة المسكينة التي انتظرت الفجر لتستسلم للذئب:
- ها قد وصلت إلى بغيتي أخيرا!
ثم تمددت على الأرض وصوفها الأبيض مخضب بدمها. . . عند ذلك هجم الذئب عليها وأكلها.
وداعا يا صديقي إن القصة التي رويتها لك واقعية لا أثر فيها للخيال. ويمكنك إذا جئت إلى هذه الضاحية يوما أن تطلب من أحد أهليها أن يقص عليك حكاية عنزة المسيو سيغان التي قضت الليل بطيلته في عراك مستمر مع الذئب. . . وفي الصباح تغلب عليها وافترسها.
أسامع أنت يا غرينفوار!. . . وفي الصباح تغلب عليها وافترسها.