باجتناء الثمر، ويمرح بين افواف الزهر، كالمستهتر الخالي. فأراد أبوللو أن يناوشه، فقال له:(كيوبيد يا ابن أفروديت! أنت هنا تصيد الظباء الضعيفة، وتريش سهامك إلى أطلائها المفزوعة، ولا تجسر على اقتناص الأفعوانات البحرية المرعبة التي تفتك بعباد أبينا زيوس؛ ومع ذاك لا تفتأ تفاخر الإلهة بسهامك التي لا تطيش، ورمياتك التي لا تخيب. كيوبيد الصغير! يجمل بك أن تنزل لي عن قوسك المرنان، وسهامك الذهبية، أو أن تحد من كبريائك، وتأتي إلي كل يوم أعلمك كيف تكون الرماية، وكيف ينبغي أن تسدد السهام!)
وغيظ كيوبيد من هذا التقريع الذي لا مسوغ له، وذلك التفاخر الأجوف الذي لا فائدة منه، ولا طائل وراءه، فعبس وبسر، وتجهم وزمجر، وقال في عبارة ملتهبة، وأسلوب مشبوب: أبوللو يا ابن لاتونا!! كان الأولى بك أن تذكر كيف عذبت حيرا في سالف الأيام أمك وأذلتها، فتقنى حياء، وتتوارى خجلا، ولا تملأ الهواء يمثل هذا الفخر الكاذب! أبوللو! أنت تتيه بسهامك وتدل؛ وتدعي أنك تقنص بها الأفعوانات البحرية، على حين أصيد الظباء، وأقتل الأطلاء، ألا فلتعلم أنني أمهر منك ألف مرة في تسديد السهام، وأقوى في توتير القوس، وإن كنت بعد حدثا صغيرا. على أنني أنذرك، أنت يا أبوللو يا ابن لاتونا بسهامي التي سأجربها فيك قريبا!!)
فضحك أبوللو ملء شدقيه، وقال: بخ بخ يا كيوبيد بن أفروديت! ليس هكذا يخاطب سيد الشمس أبوللو! ولكن يبدو لي أنك متعب من طول ما أخذت نفسك به من الصيد في هذه الغيضة، وأحسبك قد أعياك ظبي نافر فأخرجك عن طورك، خصوصا وأفردويت تنتظرك لتعد الشواء!. . أنت ستجرب سهامك في. . . . في أنا. . . .!)
فقال كيوبيد:(فيك أنت. . . . فيك أنت يا أبوللو ابن لاتونا. . . . وسترى. . .)
وامتلأت أسارير أبوللو بضحكة ساخرة، وفصل مستهزئا
وشرع كيوبيد يدبر انتقامه، ويرسم له الخطط التي ينال بها من أبوللو، فلا يستطيع أن يفلت، وكان يحمل كنانتين، يحتفظ في الأولى بسهامه الذهبية التي يصمي بها القلوب فتملأها حبا وصبابة؛ وفي الأخرى بسهامه الرصاصية التي يصيب بها القلوب فيفعمها بغضا وكراهية. . . . ونثر كنانتيه وانتقى من كل واحدة سهما حاد الشباة مزدوج السنان، ثم انطلق في الأدغال يفكر ويدبر؛ ويمم شطر غدير قريب منه غلته، فرأى القينة الحسناء