للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وديعتها الفريدة الغالية.

- أعرف تلك الوديعة، فقد ساقتني إليها الريح مرة! هناك مثوى ذاك الذي عرف الصحراء يلقي في أرواح الشعوب روحاً حيةً خالدة.

- فتى الصحراء! فتى الصحراء الذي اصطفاه ربهُ ليحمل الكتاب. فهجر دياره، وسلاحه كتاب فغزا به العالمين!

- الفاتح الذي لا يشبهه فاتح! إنه لم يغزُ البلدان والأمصار وكفى، بل غزا القلوب بسره، وفتح النفوس بسحره، يوم خروجه من الديار هو بدء تاريخ الهجرة. وها الناس على توالي القرون، وقد هاموا بجاذبيته النورانية، يهجرون ديارهم وخيراتهم ويقتحمون المفاوز والأخطار ليحجوا إلى البقعة الصغيرة العظيمة التي تجمع عندها معنى الديار والأوطان، وتركزت فيها ثقة اليقين وانبعث منها نور الإيمان!

- سيد الغزاة والفاتحين! إنه فتانا، فتى الرمضاء وفتى الرمال! إنه جاء بمعجزة المعجزات فأخرج الخصب الخصيب من ديار القحط والجدب!

- فتى الصحراء العجيب، ذو العينين الدعجاوين حيث أودعت السماء نطفة الضياء! إن ذكراه لممتزجة بذكرانا!

- نحن الرمال لم يكن وجودنا عبثاً كما زعمنا في أجلنا المديد الأليم! نحن الجامدات، كنا مبعث الحركة والحياة! نحن القاحلات، كنا وما زلنا سبيل الهجرة الخصيبة.

أشرقت الشمس - شمس اليوم الأول من العام الهجري. من الرمضاء تتصاعد أشباح أثيرية تدور رشيقةً في نور النهار الجديد. وقد أصبحت أفواج الرمال القريبة والبعيدة كلها جوقة واحدة تنشد:

نحن الرمال القاحلة،

لا خصب يوازي خصبنا!

نحن الرمال الجامدة

هل من حياةٍ كحياتنا؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>