حقاً دون أن نقرأهم بلغتهم وفي كتبهم؛ وهنا نتجه بصفة خاصة إلى الجامعة المصرية التي سلكت في هذا الباب مسلكاً تحمد عليه، فقد بدأت منذ زمن، متبعة سنة الجامعات الأوربية، في أحياء المخلفات العربية، وجمع المخطوطات الإسلامية وطبعها. وعلها تخطو في هذه السبيل خطوات أخرى حثيثة ومتتابعة. إنه لمحزن أن يبقى قدر من مؤلفات (الفارابي) مخطوطاً حتى اليوم، وموزعاً بين مكاتب أوربا المختلفة: ليدن، باريس، والاسكريال. على أن ما طبع من كتب هذا الفيلسوف العظيم مملوء بالأخطاء. فهل لنا أن نسعى إلى جمع مؤلفاته في شكل وطبعها كلها طبعاً مناسباً، مصحوباً بوسائل التحقيق والإيضاح الضروري. الفكرة تخامرنا منذ زمن؛ وقد أشرنا إليها في كتابنا على (الفارابي)، ونحن نرحب بكل من ينضم إلينا في تنفيذها. وليس (ابن سينا) بأعظم حظاً من سلفه وأستاذه؛ فان كتابه الأكبر في الفلسفة:(الشفا)، قد طبع طبعة مشوهة في طهران منذ خمسين سنة. وقد أهمل الناشر الجزء الأول منه، الخاص بالمنطق، والذي اهتدينا إليه أخيراً في مخطوطة بالبرتش ميوزيم وأخرى بالأنديا أوفس وإنا لنأمل أن نوفق يوماً لنشر هذه المخطوطة وضمها إلى الجزأين الآخرين في طبعة جديدة مستقيمة.
تلك سلسلة من الأعمال تبين نواحي النقص في دراسة الفلسفة الإسلامية، وهناك ملاحظات كثيرة متعلقة بكبار فلاسفة الإسلام الذين لم نشر إليهم قد أرجأناها إلى فرصة أخرى.
وكلنا رجاء أن تتضافر الأيدي على حرث وزرع هذا الحقل المترامي الأطراف، وأن نتعهده متكاتفين حتى يؤتى أثماره الطيبة.