للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

موضوعات محمد بن إسحاق مؤلف السيرة، ومن الدلائل على هذا أن أكثر المصنفين الذين تكلموا في هذا الكتاب لم يروه، بل نقلوا ما وجدوه في الكتب التي تداولوها، وكثرة الأشعار الركيكة التي لا معنى لها فيه تخالف أسلوب الشعر القديم كما نجدها في دواوين القدماء البدويين والحضريين مثل حسان بن ثابت وأقرانه. ولم يكن لي غير نسختين كلتاهما مكتوبة في صنعاء، وهما من أصل واحد بلا شك، إذ أغلاطهما واحدة، وما كان عندي يوم تصحيح كتاب التيجان سوى نسختين، نسخة مختصرة في خزانة برلين، والنسخ الثلاث الأخرى مكتوبة في اليمن. ولو أنعمت النظر في الكتابين كتاب التيجان ورواية عبيد تجد أن مؤلفهما كتبهما ليزيد مفاخر اليمن على النزارية، وليثبت أن مجد اليمن أقدم وأكبر مما كان مجد النزارية، وهذا تعصب من قريش، ولهذا لم تكن لهما سوق في سائر بلاد العرب؛ وتجد كثيراً من أساطير اليمانيين مختلطة بالآثار الصحيحة. وقد نقل الهمداني كثيراً من الروايات غير المحققة في كتاب الإكليل، ولا سيما في القبوريات؛ ثم جاء عبد الملك بن هشام مع تعصبه لليمانية فشوش الكتاب كما شوش السيرة، ولم ينبه عليه أحد؛ إلا أن المحدثين كلهم يضعفون أبا إسحاق ويسمونه أخبارياً لا محدثاً، وقد أبنت رأيي في ذلك في أطروحة باللغة الإنجليزية نشرتها قبل طبع التيجان في مجلة الثقافة الإسلامية

أما الكتاب الثالث، فهو كتاب الحماسة لهبة الله بن الشجري المتوفى سنة ٥٤٢، فهو سفر صغير في نحو ثلاثمائة صفحة، أورد فيه أطايب من شعر الجاهليين والمخضرمين والمحدثين على مثال حماسة أبي تمام وحماسة البحتري. وابن الشجري معروف عند الأدباء بأمياله، وأماليه طبعت في مصر، وهي كأمالي المرتضى في اللغة والأدب والنحو والبيان، ولا تشبه أمالي القالي، وهي في شعر الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين.

وقد كسر ابن الشجري حماسته على أبواب وفصول، فساق في الأبواب أشعار الحماسة واللوم والعتاب والمرائي والمديح، والهجاء والأدب، والنسيب والحنين إلى الأوطان، والارتياح عند هبوب الرياح، والاشتياق عند لمعان البروق، والنزاع عند نوح الحمام، والشوق عند حنين الإبل، والطيف والخيال؛ وساق مقطعات من غزل جماعة من المحدثين وصفات النساء والتشبيهات؛ وأورد في الفصول (طيب النكهة وعذوبة الريق) و (طيب الريح) و (وصف العين والنظر) و (حسن الحديث وطيبه) و (المضاجعة وشدة الالتزام) و

<<  <  ج:
ص:  >  >>